تعقيدات الانتقال:
مستقبل الأزمة التونسية في مرحلة ما بعد الاستفتاء على الدستور

تعقيدات الانتقال:

مستقبل الأزمة التونسية في مرحلة ما بعد الاستفتاء على الدستور



دخلت تونس مرحلة جديدة بعد تمرير الاستفتاء على التعديلات الدستورية الذي أُجري في 25 يوليو الماضي، بنسبة وصلت إلى ما يقرب من 92 في المائة، مقابل نحو 8 في المائة أبدوا رفضهم لها. وأكد تمرير الاستفتاء أن قطاعات شعبية في تونس تنحاز لرؤية الرئيس سعيّد، وخياراته السياسية التي تبناها قبل نحو عام.

في المقابل، شهدت التفاعلات السياسية على الساحة التونسية تحولات لافتة في توجهات لاعبيها، وبرز ذلك في إعلان الاتحاد التونسي للشغل تأييداً لتحول البلاد لجهة النظام الرئاسي، حيث أبدى رئيس الاتحاد نور الدين الطبوبي في تصريحات متلفزة، في 8 أغسطس الجاري، تأييداً للنظام السياسي “الرئاسي”، الذي أقره الدستور الجديد، وأضاف أن “النظام السياسي يجب أن يتغير باتجاه نظام رئاسي”. كما تراجع الخطاب الحاد لتلك القوى، وخاصة “جبهة الخلاص الوطني” و”حركة النهضة” تجاه الرئيس سعيّد، فضلاً عن تخليها عن فكرة التظاهرات في الشارع، كما خفَّضت من سقف تصريحاتها الاستفزازية ضد الرئيس.

غير أن التحولات الإيجابية التي شهدتها تونس عشية الاستفتاء لم تكن تعني تأكيد حالة الاستقرار، فقد ظلت التجاذبات السياسية عنواناً رئيسياً للحالة التونسية، فضلاً عن تصاعد حالة الاحتقان السياسي، وظهر ذلك في دعوة حزب الدستوري الحر برئاسة “عبير موسى” دعوة لتشكيل جبهة معارضة داخلية قوية وإجراء حوار وطني بإشراك الاتحاد التونسي العام للشغل بغرض تغيير الدستور الحالي عبر إعادة صياغة بعض الفصول التي ينص عليها، وخاصة تلك التي تمنح رئيس الدولة صلاحيات موسعة من شأنها تكريس حكم الفرد والديكتاتورية في البلاد.

وتعمقت حالة الاستقطاب مع دخول أطراف دولية على خط المشهد التونسي، حيث أطلق وزير الدفاع الأمريكي “لويد أوستن” خلال مؤتمر عقد بمدينة “شتوتغارت” الألمانية لتغيير القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم)، في 8 أغسطس الجاري، تصريحات أشار فيها إلى قلق بلاده إزاء وجود ما أطلق عليه “رياحاً معاكسة” للتجربة الديمقراطية في تونس التي أصبح حلمها بأن تحكم نفسها في خطر، خاصة وأن هناك صراعاً بين من أطلق عليهم “أوستن” داعمي الديمقراطية في مواجهة قوى الاستبداد والفساد.

في المقابل، وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تصريحات له في 9 أغسطس الجاري، الاستفتاء بأنه “مرحلة مهمة”، وهو ما يؤشر إلى دعم فرنسي واضح لمسار الانتقال السياسي الجديد في تونس، كما أظهرت الجزائر حرصاً لافتاً على الانخراط في المشهد التونسي، وظهر ذلك في توجيه الدعوة إلى الرئيس التونسي للمشاركة في احتفالات الجزائر بـ”عيد الاستقلال”، في 5 يوليو الماضي، وقد تزامنت دعوة الرئيس سعيّد مع دعوة رسمية إلى الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي. هذه الدعوة عكست مدى الاهتمام الذي تُوليه الجزائر بالحالة التونسية، لعدة اعتبارات أهمها الروابط التاريخية، فضلاً عن مكانة تونس المحورية في السياسة الخارجية للجزائر، حيث تُعد الخاصرة الآمنة والمنفذ المستقر في ظل محيط إقليمي مضطرب على كافة الأصعدة.

موضوعات ذات صلة

1- مرحلة جديدة: كيف تؤثر نتائج الاستفتاء على توازنات القوى في تونس؟

2- خيار مستبعد: هل يتأثر إجراء الاستفتاء على الدستور بتنامي النشاط الإرهابي في تونس؟

3- توظيف سياسي: دوافع اتحاد الشغل لدعم تحول تونس لنظام رئاسي

4- الأهداف الخمسة: لماذا طرح الحزب الدستوري الحر إجراء حوار وطني بمشاركة اتحاد الشغل في تونس؟

5- اللاءات الثلاث: ما هي شروط الرئيس التونسي لإجراء الحوار الوطني؟

6- تطهير القضاء: لماذا عزل الرئيس التونسي 57 قاضياً من مناصبهم؟

7- إجراءات تصحيحية: دلالات حل المجلس الأعلى للقضاء في تونس

8- خيار مستبعد: هل يستجيب الرئيس التونسي لدعوات إجراء انتخابات برلمانية مبكرة؟

9- توسيع النفوذ: لماذا تصاعدت انتقادات واشنطن بعد إقرار الدستور في تونس؟

10- تدخل مباشر: دلالات زيارة مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لتونس

11- ارتدادات محتملة: دوافع الانتقاد التركي لقرار حل البرلمان التونسي

12- دوافع أمنية: لماذا تسعى الجزائر إلى التوسط في الأزمة التونسية؟

13- تغيّر المواقف: الدلالات السياسية لزيارة الرئيس التونسي إلى الجزائر