أعتقد أن مناسبة مرور 50 عاما على العلاقات المصرية الإماراتية تستحق ما هو أكبر وأعمق من الاحتفالات التقليدية لأن هذه العلاقات تمثل استثناءا فريدا فى ساحة العمل العربى المشترك على مدى نصف قرن من الزمان
هذه علاقات متميزة أكدت أن وحدة الأمة العربية حقيقة وأصيلة تتجاوز كل خطوط الحدود السياسية المرسومة وتملك قدرة الصمود فى إجهاض كل محاولات الدس والوقيعة تحت ظروف تلاشت فيها المسافات وبات ميسورا بث ونشر الشائعات.
وبرغم كل دعوات الردة عن التضامن العربى وما يصحبها من تحريض لانكفاء كل قطر عربى على نفسه فإن العلاقات العربية الإماراتية أكدت على مدى نصف قرن من الزمان أنها عنوان متميز لسلامة وإيجابية النهج القائم على عدم الانزلاق إلى فخ الخلافات التى تصنع الفرقة وتزيد من التباعد.
إن مسيرة العلاقات المصرية الإماراتية على مدى 50 عاما دشنت لمرحلة جديدة فى الواقع العربى باتجاه العمل المشترك لتحقيق الهدف الأكبر والأسمى وهو عزة الإنسان العربى الحر المؤمن بقدرته – مهما طال الزمن – على انتزاع حقوقه المغتصبة وبناء القدرة على تحمل مسئوليات المستقبل ومخاطره واحتمالاته المجهولة!
أن وثائق هذه العلاقات المتميزة بين مصر والإمارات ينبغى أن تنشر الآن كاملة وعلى وجه الخصوص منها كل الرسائل المتبادلة “خطيّا وهاتفيا” بين رؤساء الدولتين وكذلك المحاضر الرسمية لجلسات المحادثات التى تكشف عن الإيمان العميق بوحدة المصالح المشتركة بين البلدين ليس فقط من أجل مصلحة مصر والإمارات وحدهما وإنما من أجل المصلحة العليا للأمة العربية كلها .. وهذه الوثائق جميعها مما لا يمكن الطعن فيه أو التشكيك فى صحة سطر واحد مما ورد فيها!
وهذه الدعوة لنشر مثل هذه الوثائق ليس من أجل الحاضر فقط وإنما من أجل المستقبل العربى كله .. وكما علمتنا دروس التاريخ فإن الوثائق تضمن سلامة ودقة كل وقائع الماضى وحمايتها من أى تزييف وبذلك نضمن إمكانية البدء الصحيح فى شق طريقنا نحو المستقبل الذى يولد من بطن الماضي!
إن إذاعة ونشر هذه الوثائق يؤكد صحة المقولة بأن الصديق الحقيقى تعرفه وقت الشدة ولن ينسى المصريون موقف الإمارات إبان حرب أكتوبر وخلال ثورة 30 يونيو عام 2013 مثلما لا ينسى الإماراتيون مواقف مصر الداعمة لأمنهم واستقلالهم منذ قيام دولتهم قبل 50 عاما مضت وحتى ساعة تاريخه.
نقلا عن الأهرام