بدت خلال الآونة الأخيرة بوادرُ تحولٍ في السياسة التركية إزاء سوريا في ظل تداول أنباء بشأن إمكانية عقد لقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره السوري بشار الأسد. ويأتي ذلك بعد مضيّ أعوام طويلة من القطيعة ومناهضة أردوغان للأسد ورفضه قبولَه، بل إنه دعا إلى إسقاطه مراراً، وهو ما يُثير بوجه عام تساؤلاتٍ تتعلق بالأسباب التي تدفع أنقرة إلى تغيير سياساتها إزاء دمشق.
وفي ضوء ذلك، يرى الدكتور مثنى العبيدي، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بكلية العلوم السياسية بجامعة تكريت، في تعليق خاص لموقع “الحائط العربي”، أن هذا التحول لم يأتِ من فراغ بقدر كونه مرتكِزاً على أسباب ومصالح أمنية وسياسية واقتصادية مختلفة “يأتي في صميمها هدفُ حماية الحدود الجنوبية لتركيا، ومواجهة القوى الكردية السورية في سوريا”.
ويوضح الدكتور مثنى العبيدي أن عقد لقاء بين أردوغان والأسد يُعد أمراً مطروحاً وممكناً، حيث يقول إن “إبداء الرئيس التركي أردوغان استعداده للقاء الرئيس السوري الأسد بعد أن كان يعدّه ديكتاتوراً ولا يمكن التفاوض معهـ أمر يرتبط برغبة أردوغان في تحقيق مصالح، طالما أن ما يحكم العلاقات هي المصالح وليس الأنظمة”.
وحول توقعات قبول أو رفض الرئيس الأسد لمثل هذا اللقاء، يلفت الدكتور مثنى العبيدي إلى أنه “في المقابل، ليس من المتصور أن يرفض الأسدُ لقاء أردوغان مستقبلاً؛ لاعتبارات خاصة بسعيه للحصول على الشرعية الدولية مجدداً، والانفتاح على قوى إقليمية ودولية عديدة”.
ويضيف الدكتور مثنى في هذا الصدد قائلاً: “ولعل الكثير من الإشارات تدل على احتمالية حدوث نوع من التقارب بين كل من تركيا وسوريا في ظل الوضع الإقليمي والدولي، والتغير في بعض التحالفات وعلاقات الدول”.
وحول مستقبل علاقات البلدين على المدى البعيد، أشار أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة تكريت إلى أنه إذا ما كُتِبَ لهذه العلاقات أن تتحسن، فسيكون “من غير المتوقع أن تعود إلى سابق عهدها في فترة وجيزة، بل ستركز على الجانب الأمني ابتداءً، ثم على باقي الجوانب الأخرى، ولكن بشكل متدرج”.
ويختم الدكتور مثنى بالقول، إن “تلك العلاقة ستكون محكومة بإرث الصراع بين تركيا التي تدعم المعارضة السورية، وبين النظام السوري الذي يدعم قوى المعارضة الكردية في سوريا”.