العرب.. والمناخ – الحائط العربي
العرب.. والمناخ

العرب.. والمناخ



استكمالًا لما بدأناه بالأمس، من أن مسألة التأثيرات المناخية لن تستثنى أحدًا، ولكن أكثر المتضررين هم فقراء العالم، فإن ما أود طرحه للنقاش اليوم هو الطريقة التى يتعامل بها العرب مع الأزمة، والتى بدَت فى أول الأمر وكأنها مزحة، ولكن فيما يبدو أنها «قلبت بجد».

وأود أيضًا أن أشير إلى إدراك الدولة المصرية أهمية الملف، حينما دعَت إلى استضافة قمة المناخ cop 27 المنعقدة حاليًا فى شرم الشيخ، والتى دلت على أن مصر أخذت المسألة على محمل الجدية منذ فترة، ثم تلتها دعوة أخرى من الإمارات لاستضافة القمة المقبلة، وهو تغير أظنه قرّب الصورة أكثر، بعد أن كانت بعيدة عن اهتمامات المواطن العربى.

لابد للمواطن العربى أن يدرك جيدًا أن قضية المناخ مرتبطة بشكل كبير بالظروف المعيشية التى يعيشها، والتى تزداد قسوة، فى ظل الأوضاع الراهنة، من ازدياد فى الأسعار، ومعدلات البطالة والفقر.

فقضية المناخ ليست قضية نخبوية كما قيل فى السابق لأن تداعيات التغير المناخى، وزيادة درجة حرارة كوكب الأرض، تترك آثارها على جميع سكان الكوكب بلا استثناء، نخبويين كانوا أو مواطنين عاديين، فالتداعيات، مثل الجفاف والفيضانات وارتفاع مستوى سطح البحر وموجات الحر الشديدة، لن تترك فئة وتصيب فئة، بل هى تحاصر الجميع من كل اتجاه.

إن ارتفاع درجة حرارة الأرض هو السبب المباشر للتدهور البيئى، والكوارث الطبيعية، وانعدام الأمن الغذائى والمائى، والاختلال الاقتصادى، والنزاعات والإرهاب، كما تقول الأمم المتحدة فى تقاريرها عن الأمر، وذلك بسبب ندرة الموارد، مثل الأراضى الصالحة للزراعة والاستصلاح والتنقيب، وبالتالى افتقار الكثير من الدول إلى الغذاء والمياه، وهو ما يؤدى إلى زيادة التنافس والنزاع عليها.

«الأمم المتحدة» حذرت من هذه التداعيات التى قد تصيب العالم، وفى قلبه الوطن العربى، لكن منظمة «جرينبيس» البيئية وجهت نداءً واضحًا إلى منطقة الشرق الأوسط، مؤكدة أن شح المياه والغذاء، وموجات الحر الشديدة، والآثار السلبية الخطيرة الناجمة عنها، ستضرب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بقوة.

بل إن المنظمة أطلقت على التقرير عنوان «على شفير الهاوية»، وذلك بسبب سهولة ما قد تتعرض له من تداعيات، أبرزها أزمة فى أمن الغذاء والمياه، وقد ركز التقرير الصادر عن جامعة «إكستر» فى بريطانيا بشكل خاص على ست دول عربية: هى لبنان والإمارات والجزائر وتونس والمغرب ومصر.

نعم سيدى القارئ العزيز كما قرأت، مصر من الدول التى حذرتها المنظمة من تداعيات المناخ، مرجحة أن الاعتماد على الزراعة والواردات الغذائية يمكن أن يتأثّر حال أثّر الجفاف وندرة المياه على المحاصيل سواء المزروعة فى مصر، أو المستوردة من بلاد ستضربها التغيرات.

وهذا موضوع سنتحدث فيه غدًا.

نقلا عن الأهرام