الإمارات ومصر.. نصف قرن من الشراكة – الحائط العربي
الإمارات ومصر.. نصف قرن من الشراكة

الإمارات ومصر.. نصف قرن من الشراكة



نصف قرن من العلاقات الراسخة والثابتة والمستمرة في أول نموذج للعلاقات العربية العربية، تقدمه العلاقات بين الإمارات ومصر، وتؤكد أن الأمة العربية حقيقة قادرة على مواجهة التحديات والصعوبات. وهذا النموذج جدير بالدراسة والإلهام لكل الدول العربية الأخرى. وكمتابع لهذه العلاقات منذ نشأتها تستوقفني أكثر من ملاحظة.

أولاً، تاريخياً هذه العلاقات ممتدة وتسبق قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، وتتمثل في أن العديد من أبناء المنطقة اتخذوا من القاهرة مركزاً لتلقي التعليم، وفي كافة المستويات والمجالات. حيث كان التواجد المصري في مجالات التعليم والإعلام والصحة والثقافة والرياضة، فقد كان لهذا التواجد تأسيس صورة إيجابية عميقة لدى المواطن في الدولة تناقلتها الأجيال بما يعمق هذه العلاقات. أضف إلى ذلك الصحف والمجلات التي كانت تحملها السفن لميناء دبي مثل روز اليوسف والهلال، وكيف كان المواطن في الدولة يرتبط ارتباطاً قومياً بإذاعة صوت العرب وسماع خطب الرئيس الراحل جمال عبدالناصر. وهذا البعد التاريخي مازال قائماً ومستمراً.

ثانياً، في أي بحث بهذه العلاقات، هناك وصية المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» عن مصر، لأبنائه ومواطني الدولة، والدلالات السياسية والإنسانية والأخوية العميقة التي تحملها هذه الوصية التي تقول إن مصر قلب العروبة، وإن توقف هذا القلب فلا حياة للعرب. وفي حرب أكتوبر من ينسى الموقف العروبي الصادق عندما أوقفت الإمارات إنتاجها من النفط، وقوله «النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي». وهذه الوصية تم فعلاً تنفيذها في حياته بتقديم كل الدعم لمصر، وفي بناء مدينة تحمل اسمه في قلب القاهرة هي مدينة الشيخ زايد. ولعل أعظم ترجمة لهذه الروح العروبية والإيمان الكامل بدور مصر كيف كان لسموه ولدولة الإمارات الدور الأكبر والمؤثر في عودة الجامعة العربية إلى قلب القاهرة.

تؤسس هذه الوصية لمبادئ وقواعد الحكم التي ينبغي أن تحكم العلاقات العربية العربية، وهذا سبب في استمرار هذه العلاقات لنصف قرن من الصعود والاستمرارية. هنا الأصول العربية والتاريخية الواحدة والأمن القومي العربي، والمصير المشترك، وكلها محددات من وجهة نظر المؤسس أن تحكم العلاقات العربية العربية.

والملاحظة الثالثة، يشير كل الباحثين والدارسين في هذه العلاقات إلى أنها تقدم أنموذجاً فريداً في العلاقات العربية العربية. فالعلاقات بين مصر والإمارات تجاوزت كل النظريات السياسية والفلسفية، لأنها تقوم على الأخوة والإنسانية ونظرية الأخ وقت الشدة والمحن. فلا تقتصر فقط على المصالح المتبادلة، وهي مهمة في أي علاقات ناجحة، بل اعتمدت على ركيزة مهمة جداً في العلاقات وهي البعد الشعبي في العلاقات، والذي يشكل الأساس القوي لأية علاقة.

لكل هذه المعطيات والمحددات، تقدم العلاقات بين البلدين أنموذجاً في العلاقات العربية العربية، واستمراريتها على مدار نصف قرن، وتتطلع لنصف قرن آخر. ويبقى أن كل ما يتعلق بهذه العلاقات من وثائق ينبغي أن تنشر وتدرس من قبل كافة الأجيال، وجديرة بأن تكون من بين مناهج الدراسة في الجامعات.

نقلا عن الخليج