الإمارات والمناخ – الحائط العربي
الإمارات والمناخ

الإمارات والمناخ



ما يحدث على الأرض، يكون له صدى في الفضاء، والفضاء بدوره يعيد ما أرسلته الأرض. وعلى الرغم من أن هذه العلاقة أخلاقية في جوهرها، فإنها مادية من جانب آخر، والأخيرة تشبه المطر الذي يتشكل من تبخّر الماء، ليصبح غيماً؛ فيمطر على الأرض، وكلما كانت بيئة الأرض نظيفة، فإن مياه الأمطار تكون صافية، وكلما كانت ملوثة، جاءت الأمطار حمضية وملوثة أيضاً؛ لهذا، تؤدي حرائق آبار النفط إلى تشكّل غيوم وسحب سوداء سامة، ما يؤدي إلى مطر سام، وفي بعض المناطق التي شهدت هذه الأمطار، تحتاج الأرض إلى سنوات طويلة حتى تستعيد خصوبتها من جديد، والإنسان هو المسبّب الرئيسي للسلبيات والإيجابيات. من هذا المنطلق، تستضيف الإمارات العربية المتحدة في الفترة من 30 نوفمبر/ تشرين الثاني حتى 12 ديسمبر/ كانون الأول، مؤتمر الأطراف أو ما اصطلح على تسميته (COP28)؛ وذلك في مدينة إكسبو دبي؛ حيث تجتمع الأطراف الموقِّعة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغيُّر المناخي؛ لتقييم التقدم المحرَز على صعيد مكافحة التغيُّر المناخي. وهذا التقييم هو ما يميز هذا المؤتمر، وقد يشكل أكثر من تحدّ للدول والأطراف المشاركة؛ حيث يحتم عليهم إيجاد حلول ناجعة للتحديات المناخية التي باتت تشكل خطورة على المجتمعات البشرية، خاصة أن البلدان اتفقت في مؤتمر (COP21) الذي عقد في باريس في عام 2015 على السعي إلى حصر الاحترار العالمي خلال هذا القرن؛ بحيث لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية، ونجد أن الاحترار العالمي الآن 1.4 درجة مئوية، وإذا ما استمر في التزايد، فإنه سيصل إلى 2.8 درجة مئوية في عام 2100، وفق ما يتوقع الفريق الاستشاري المعني بعلوم المناخ، التابع للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيير المناخ، ما سيهدد حياة مليارات البشر.

وتزيد هذه الحرارة من شدة الظواهر الجوية القاسية، ما يهدد بالقضاء على المحاصيل الزراعية والمواشي، ويلحق الضرر بالنظم الإيكولوجية، ويؤدي إلى تدمير حياة البشر وسبل معيشتهم، ويشهد العالم حالياً موجات جفاف، وحرائق غابات، وذوبان الجليد وانحساره، وفقدان الصفيحة الجليدية القطبية، وارتفاع مستوى البحر، ولعل هذا (الجنون) الذي نشهده في الطقس، أبرز نموذج للاحترار العالمي.

ويكتسب مؤتمر «المناخ 28» أهمية خاصة؛ كونه القمة الأولى بعد اتفاق باريس 2015، والذي حدّد أهدافاً مناخية عالمية، سيجري تقييمها في المؤتمر الذي سيعقد في الإمارات. وقد استبق صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الحدث بتصريح متلفز، أشار فيه إلى وجود علاقة وثيقة بين الطاقة والتغير المناخي، وطالب المعنيين بتسريع الانتقال العالمي المنطقي والواقعي والمتوازن لقطاع الطاقة من خلال زيادة القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة، بما لا يقل عن ثلاث مرات، ومضاعفة الإنتاج الهيدروجيني، وأضاف سموّه: «وفي هذا السياق فإن من الضروري، تعزيز التعاون الدولي في نقل التكنولوجيا، وتوفير التمويل اللازم؛ لدعم الانتقال في قطاع الطاقة، ومعالجة الخسائر والأضرار، خاصة في دول الجنوب أو المجتمعات الأكثر تعرضاً لتداعيات تغير المناخ، ومن المهم كذلك أن تنفذ الدول المتقدمة تعهداتها في تقديم 100 مليار دولار إلى الدول النامية..»، وقال سموّه أيضاً: «إن التنمية الاقتصادية المستدامة والعمل المناخي مرتبطان، وكلاهما ضرورة لضمان جودة حياة البشر..». والإمارات تقوم بمسؤولياتها المجتمعية العالمية تجاه المناخ منذ إنشائها، من خلال اهتمامها بالبيئة، والتشجير، وزراعة مساحات شاسعة، إضافة إلى اهتمامها بتوفير الطاقة المتجددة والنظيفة؛ بهدف خفض الانبعاثات، وأطلقت المبادرة الاستراتيجية للحياد المناخي 2050، والتي تتماشى مع المبادئ العشرة للخمسين الجديدة؛ بحيث ستوفّر فرصاً للتنمية المستدامة، كما تتماشى مع أهداف اتفاق باريس للمناخ، وهناك خريطة طريق الريادة في مجال الهيدروجين، التي تدعم الصناعات المحلية منخفضة الكربون، وهناك الخطة الوطنية للتغير المناخي للإمارات 2017-2050.

وهناك نقطة أخيرة مهمة لا بد من الإشارة إليها؛ إذ إن الإمارات، ووفقاً لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، لا تُعد من دول الملحق1؛ ما يعني أنها غير ملزمة بتقليل الانبعاثات الصادرة منها، إلا أنها التزمت بتقليل انبعاث الكربون، وستكون في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني واحة لاستقبال قيادات العالم؛ لتؤكد التزاماتها الوطنية والعالمية، وتسهم بمستقبل أفضل للبشرية.

نقلا عن الخليج