حسابات إسرائيل من التقارب الإيراني المصري – الحائط العربي
حسابات إسرائيل من التقارب الإيراني المصري

حسابات إسرائيل من التقارب الإيراني المصري



يبدو لي أن هناك جملة محددات هامة، دفعت بتحريك المياه الراكدة ‏وجريانها بشكل هادئ بين طهران والقاهرة، نحو هذا السياق سعياً للتطبيع المأمول. وأعتقد أن من أهم هذه المحددات هو تطور المفهوم الأمني الاستراتيجي للولايات المتحدة عن المنطقة وتفادي الانخراط الأمريكي في النزاعات الإقليمية طويلة المدى، وأن الأخيرة لديها مصالح في التوجه إلى الشرق الأقصى.

فاليوم نرى الرؤية التوافقية الروسية الصينية عن المنطقة الدافئة تستثمر في هذه الفرصة الاستراتيجية، لا بل تتقاطع معها في العديد من الملفات الاقتصادية ذات البعد الأمني والسياسي، ولهذا فإن إنهاء التوتر في المنطقة، ودعم الاستقرار الإقليمي ورفع العقوبات عن إيران وإعادة إدماجها في محيطيها الإقليمي والدولي هو من الأولويات لهذا التوافق البراجماتي.

 كما يجب أن نضيف ما تعانيه الجارة إيران من عزلة ووضع اقتصادي طاحن واحتقان شعبي من تداعيات الوضع على الشعب الإيراني، حيث أشار وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في بعض تصريحاته عن مسار السياسة الإيرانية بالتوجه شرقاً نحو وسط وشرق آسيا، وأن دبلوماسية الجوار حسب ما يقول قادت إلى كسر العزلة الإقليمية في السنوات الأخيرة، كما أن الانفتاح والاندماج في المجتمع الدولي يحققان تقدماً في الأوضاع الاقتصادية الإيرانية.

من جانب آخر فإن الدولة المصرية تدرك باهتمام بالغ هذا التقارب وتداعياته الجيوسياسية على المنطقة العربية نظراً لارتباطه بجملة ملفات عربية وبالأخص الجانب الفلسطيني، وهنا نؤشر إلى الطرف الإسرائيلي كشريك مأمول لعملية السلام والاستقرار في المحيط العربي.

 أعتقد أن هوية الدولة المصرية وازنة للاستقرار، تضع مصالحها الاستراتيجية المتنامية ضمن سلة المصالح العربية المصيرية في الإقليم وهي بلا شك قادرة على الفرز الاستراتيجي لكافة الملفات الأمنية والاقتصادية المتقاطعة مع مصالحها الوطنية في تحقيق أهداف هذا التقارب دون إغفال كافة الأطراف المنخرطة معه (دول الخليج والأطراف الفلسطينية وسوريا بشكل خاص).

نعتقد أن الجانب الإسرائيلي الراصد لهذا التقارب يعيد قراءته للتقارب الإيراني المصري المتنامي، وبعد التطبيع بين إيران والمملكة العربية السعودية المتطور، والذي تشكل برعاية صينية واثقة ليعيد تأطير تداعياته الأمنية عليه بشكل مختلف.

 ‏نجزم أن الموقف الإسرائيلي تجاه هذا التقارب يمثل له حالة قلق متصاعد، نظراً لطبيعة العلاقة بين إيران وبعض الفصائل الفلسطينية ضمن نقاط الحدود المصرية مع الأراضي الفلسطينية، خاصة قطاع غزة حيث تتمركز حركة حماس وبعض الفصائل. 

 كما أن إسرائيل قد تتخوف من أن تستشرف إيران من هذا التقارب، وتتمكن من الولوج في الأراضي المصرية ودعم الفصائل الفلسطينية وتحفيزها عندما يتصاعد التوتر بين تل أبيب وطهران.

كما نرى أن ما قامت به تل أبيب من جهد كبير في عمليه التطبيع، ومشاريعها المرتبطة بهذا الأمر خاصة مع بعض دول الخليج وجمهورية مصر العربية، سيتم إعادة التقييم له من طرفها خاصة وأن هذا التقارب الثنائي وأعني مصر والسعودية لديهما موقف تبادلي تجاه ماله وما عليه عند تداخل المصالح الاستراتيجية مع إيران في الجانب الأمني والاقتصادي ودون واقعية على الأرض من الجانب الإسرائيلي. 

وفي الختام فإن مسار تطوّر العلاقات وتقاربها بين مصر وإيران، قد ينظر له من الطرف الإسرائيلي على أنه تطوّر غير جيد ومحبط استراتيجياً، حيث يمثل استدارة على مشروع الائتلاف الذي بنته إسرائيل مع بعض الدولٍ في سبيل محاصرة طهران، سياسياً واقتصادياً.

ومن جانب آخر، يضع الموقف المصري أكثر نفوذاً وتصرفاً في العلاقة الأمنية مع إسرائيل تجاه الأطراف الفلسطينية.

نقلا عن الخليج