الحراك العربى ــ السورى – الحائط العربي
الحراك العربى ــ السورى

الحراك العربى ــ السورى



فى مبادرة اردنية بعيدة النظر، استضافت العاصمة الأردنية عمان اجتماعا تشاوريا يوم الاثنين الموافق الاول من مايو من اجل بحث فرص واحتمالات استعادة سوريا مقعدها الشاغر بجامعة الدول العربية، دعى اليه وزراء خارجية المملكة العربية السعودية والعراق ومصر وسوريا، وجاء هذا الاجتماع استكمالا لمبادرة سعودية سابقة على نفس الصعيد استضافة اجتماع مماثل بمدينة جدة.

أسفر اجتماع عمان عن نتائج ايجابية تصب فى مجملها لمصلحة الحسم القريب لقضية عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية بالاتفاق على مجموعة من الخطوات سواء من جانب الحكومة السورية أو من الجانب العربى لتوفير الإطار السياسى المواتى لاتخاذ مثل هذا القرار المصيرى العربى، الذى سيمثل فى حالة اتخاذه نقطة تحول ايجابية وحاسمة فى السياسة العربية، ودليلا على ان النظام العربى أضحى يتمتع بحيويةً وفعالية فى التعاطى مع التغيرات فى النظام الدولي.

عقب انتهاء اجتماع عمان، اجرى وزير الخارجية الأردنية سلسلة اتصالات مع وزراء خارجية قطر والإمارات والبحرين وسلطنة عمان والكويت ولبنان وتونس والجزائر والمغرب، لاطلاعهم على الخطوات التى تم الاتفاق عليها مع وزير الخارجية السورية من اجل إيجاد اطار سياسى ضرورى يخدم العودة السورية للجامعة العربية، وبحيث تتوافق مع الإجماع العربى والدولى بشأن تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم ٢٢٥٤ الصادر فى ديسمبر ٢٠١٥، الذى تضمن خريطة طريق لعملية التحول الديمقراطى فى سوريا، وبحيث يكون هذا التحول نتاج توافق سورى سورى، وبمساندة عربية ودولية. ودعا اجتماع عمان الى انعقاد اللجنة الدستورية السورية فى أقرب فرصة ممكنةً للتوصل لاتفاق بين الحكومة السورية وقوى المعارضة بسوريا حول تعديل الدستور السورى الحالى أو صياغة دستور جديد يرسخ لمبدأ التعددية السياسية والتداول السلمى للسلطة. لقد تدفقت مياه كثيرة تحت الجسور السورية والعربية منذ ١٥ مارس ٢٠١١ فى خضم أحداث الخريف العربى، والذى استخدم بصورة كارثية على أمن واستقرار الدول العربية كذريعة للتدخل الاقليمى والدولى فى النظام العربي.

إن اجتماع جدة واجتماع عمان التشاوريين لدليل على ان الحكومة السورية من جانب والدول العربية من جانب آخر عقدوا العزم على إسدال الستار على حقبة حزينة فى العمل العربى المشترك، وإدراكا منهم جميعا ان استمرار تعليق عضوية سوريا فى الجامعة العربية لا يخدم المصالح السورية ولا المصالح العربية، بل انه يكرس التدخلات الإقليمية والدولية فى الشأن العربي.

فى الحقبة الماضية كان مصير سوريا يناقش ويحدد فى عواصم غير عربية فى مشهد لم يسبق للعالم العربى ان مر به من قبل منذ تأسيس جامعة الدول العربية فى عام ١٩٤٥، وكانت سوريا الحرة المستقلة احدى الدول العربية السبع التى وقعت على ميثاقها.

تبدى بعض الدول العربية حاليا تحفظا على إلغاء قرار القمة العربية بالدوحةً بتعليق العضوية السورية فى الجامعة العربية، وبدون شك لكل دولة عربية الحق فى التحفظ وفى الاعتراض على قرار عودة سوريا لكن ليس من حقها عرقلة تنفيذ رأى الأغلبية إذا ما ارتأت ان مثل هذا القرار يخدم مصالحها والمصالح العربية.

إن صدور قرار عن قمة الرياض بدعوة الرئيس بشار الأسد للمشاركة فى أعمالها سيكًون انتصارا للتضامن العربى، وتكريسا لمبدأ مهم إلا وهو صياغة الحلول العربية للمشاكل والأزمات العربية.

طموحات وتطلعات الشعب السورى وسائر الشعوب العربية بما فى ذلك الشعب الفلسطينى تحددها وتعبر عنها الأمة العربية منفردة وبدون أى تدخل أجنبى أو إقليمى فى الشأن العربي.

نقلا عن الأهرام