دول الغرب وقضايا المنطقة العربية – الحائط العربي
دول الغرب وقضايا المنطقة العربية

دول الغرب وقضايا المنطقة العربية



العالم وهو باتجاه اكتمال الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، يبدو المشهد السياسي في المنطقة العربية وجوارها الجغرافي مختلطاً ومتشابكاً. لقد تعلم أهل المنطقة وتعلم ساسة الدول العظمى والكبرى الضالعة في شؤونها بأن الإصرار على النجاح يؤدي إلى تحقيق النتائج الإيجابية، لذلك تصبح نظرة وتوجه ساسة الدول العظمى والكبرى تجاه تحقيق العدل والتوازن بين مصالح أهل المنطقة وبين مصالحهم أمراً مهماً.
إن التفاؤل يبدو صعباً لكي يتبناه الملمون بقضايا المنطقة وقضاياها ومشاكلها، لكن أولئك الضالعون فيها من خارجها يعلمون بأن تحقيق النجاح أمر ممكن، وبأن الصراعات يمكن تقليل حدتها إن لم يمكن حلها جذرياً في وقت قصير.
السياسات الغربية تجاه المنطقة كانت متذبذبة ومتفاوتة خلال الستين عاماً أو نيف التي مضت. تلك السياسات تمت تجربتها، ونتج عنها استمرارية أكبر من عدم الاتفاق أو الانقسام في داخل الدول المعنية، ومع مرور الوقت حققت شيئا من النجاحات مثلما صاحبتها موجات من خيبات الأمل لدى العرب. وأكثر ما يلفت الانتباه هو أن الغربيين حاولوا بإصرار تحقيق السلام في المنطقة، وجميع الغربيين فخورون بتلك الجهود، لكن الساسة اللاحقين لم يقوموا بالبناء على العناصر الأساسية لسياسات الساسة الذين سبقوهم.
فعلى سبيل المثال الإدارة الحالية في الولايات المتحدة تواجه أوضاعاً أكثر حساسية وتعقيداً وتتسبب لها في ذلك التوجهات الروسية والصينية الجديدة تجاه المنطقة وحول العالم.
لذلك، فإن على ساسة الولايات المتحدة ودبلوماسييها استكشاف النوايا الروسية والصينية تجاه مشاكل المنطقة والعمل على هذا الأساس.
إن الحرب الدائرة حالياً في أوكرانيا، والحرب التجارية والاقتصادية مع الصين قد تسببت في شروخ عميقة لعلاقات دول الغرب – الولايات المتحدة ودول أوروبا – بكل من روسيا والصين، لذلك فإن على الدبلوماسية الغربية أن تبحث لنفسها عن حوار بناء جديد مع هذين البلدين، يدور حول كافة القضايا المتأججة في عالم اليوم لكي لا يفلت عقالها ويتدحرج العالم نحو منزلق خطير يتسبب في دماره وفناء البشرية.
مثل هذا الحوار يجب أن يتضمن مساحة مناسبة لقضايا المنطقة العربية وجوارها الجغرافي ويتم توجيهه نحو الدفع إلى الأمام بعملية تحقيق السلام سواء على صعيد الصراع العربي – الإسرائيلي أو ملف إيران النووي أو إحلال السلام في سوريا أو علاقات دول مجلس التعاون الخليجي بدول جوارها الإقليمي.
والحقيقة أنه لا يوجد شك في رغبة دول الغرب – على الصعيد الشعبي على الأقل – التعاون مع روسيا والصين متى كان ذلك ممكناً، فتوجد نواحي حيث تتداخل مصالح هذه الأطراف وتتشابك، لكن الغربيين لا يريدون أن تندفع دول المنطقة باتجاه التعاون الواسع مع روسيا والصين لأن ذلك قد يضر بالمصالح الغربية لدى هذه الدول.
فيما بعد حروب الخليج الثلاث التي مرت على منطقة الخليج العربي لم يتواجد لدى الساسة الغربيين إجماع حول طبيعة العلاقات العسكرية والاستراتيجية مع عدد من الدول العربية، خاصة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن.
ونتيجة لذلك، فإن اختلافات عميقة برزت ولدت علاقات مشوشة بين أطراف من المفترض أن تكون متحالفة، لذلك، على دول الغرب أن تبحث لنفسها عن إجماع أوسع مع هذه الدول الصديقة والحليفة، وربما الشريكة.
إن أجندة دول الغرب في المنطقة لا بد وأن تكون مزدحمة بالقضايا المهمة العالقة، وهي تتطلب فكراً خلاقاً للتعامل معها مثلما تحتاج إلى طاقات ودماء شابة وموارد مالية كافية. وفي بعض السياسة الخارجية ربما أن الزمن هو الذي يجلب الحلول، لكن في بعضها الآخر هذا غير وارد وتحتاج إلى معالجات فورية ومباشرة. وفي قضايا المنطقة العربية الكبرى الأمر الثاني هو الأنجع، وعلى الغربيين إذا أرادوا تحقيق مصالحهم بحكمة أن يتعاملوا معها بشكل سريع ومباشر.

نقلا عن الاتحاد