تحل بعد أيام قليلة الذكرى العشرون لانطلاق عملية غزو العراق أو ما يُطلق عليها “معركة الحواسم” التي كانت قد بدأت في 20 مارس 2003 وقادت إلى إزاحة نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين في التاسع من الشهر التالي. وبعد إتمام هذه العمليات القتالية في الأول من مايو من العام نفسه، دخل العراق في مرحلة جديدة شهدت تغيرات على المستويات السياسية والعسكرية والأمنية والاجتماعية.
وفي ضوء ذلك، يرى الدكتور مثنى العبيدي، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بكلية العلوم السياسية بجامعة تكريت العراقية، أن عملية غزو العراق عام 2003 لم تكن من دون أهداف “بل كانت ترتكز على عدة أهداف، من بينها السياسية والاقتصادية والعسكرية، وأخرى قيمية”، مضيفاً أن “هذه الأهداف ذات صلة بمكانة الولايات المتحدة الأمريكية وسعيها لفرض سيطرتها على منطقة الشرق الأوسط، والقضاء على الأنظمة التي تخالف سياستها والتي أسمتها حينها بـ(الدول المارقة)”، حسب تعبيره.
وأوضح الدكتور مثنّى أن من بين هذه الأهداف أيضاً “أهدافاً أخرى فيما يخص الإرهاب، والادعاء بامتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل”.
وحول وصفه لقرار الحرب على العراق، يقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة تكريت إنه “عند النظر إلى الأوضاع التي خلّفها الاحتلال الأمريكي في العراق، وخلل التوازن في ميزان القوى الاستراتيجي وما فيهما من تداعيات كبيرة، سنجد أن التغيير لم يكن ليحدث في العراق من دون تدخل خارجي كبير. وعندها تتضح الصورة لمن يريد أأن يعطي وصفاً لهذا القرار من الناحيتين السلبية والإيجابية”.
وبشأن نتائج عملية الغزو، شدد الدكتور مثنى العبيدي على أن “الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وقواتهما المشاركة في الحرب على العراق عام 2003، استطاعتا في الواقع أن تحقق أهدافهما العسكرية المعلنة من وراء الحرب على العراق، ومنها إسقاط النظام السياسي القائم فيه، والقضاء على ترسانته وقواته العسكرية بتشكيلاته المختلفة، ولكن من دون أن تستطيع تحقيق الاستقرار السياسي والأمني في مرحلة ما بعد تغيير النظام”.
وفي السياق نفسه، يُشير الدكتور مثنى العبيدي إلى أن النتائج التي أفرزتها العملية الأمريكية البريطانية المشتركة عديدة “منها إيجابية، ومنها تداعيات سلبية كثيرة، فقد أفرز الاحتلال كثيراً من الظواهر التي أثرت سلباً على التماسك الاجتماعي. إذ برزت وتصاعدت ظاهرة الطائفية والفرز المذهبي والعرقي، ونشأة نظام سياسي قائم على أساس المحاصصة السياسية والمكوناتية”.
وتابع أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية قائلاً: “ثم تبع الاحتلالَ موجةُ عنف طائفي كبيرة وتزايدٌ للنشاط الإرهابي حتى وصل الحال إلى ما هو عليه عام 2014 بسقوط العديد من المناطق تحت سيطرة تنظيم (داعش) الإرهابي، وما نتج عن ذلك من تداعيات كارثية على العراق دولةً أو مجتمع، وهنالك نتائج إيجابية أخرى من بينها التحول في النظام السياسي من النظام الشمولي إلى النظام التعددي وما فيه من الإيجابيات لو تم تطبيقه بشكل صحيح”.
وحول أوجه التشابه بين السيناريو الإيراني حالياً والسيناريو العراقي قبل 20 مارس 2003، يوضح أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة تكريت أن مبرر امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل هو أحد المبررات التي قامت عليها الحملة العسكرية الأمريكية على العراق حينها، “وفيما يخص استحضار نفس المبرر لاستخدام القوة تجاه إيران في الوقت الحاضر، فإن الأمر مختلف وذلك لاختلاف السياق فيما يخص إيران على المستويين الداخلي والخارجي، وما ينطبق على إيران من حيث ظروفها وأوضاعها في الوقت الراهن هو مختلف عن سياق وأوضاع العراق في عام 2003”.
ويختتم الدكتور مثنى العبيدي بالقول إن عملية غزو العراق قد أثّرت على عملية اتخاذ القرار الأمريكي الخاصة بتنفيذ عمليات مشابهة في وقت لاحق داخل منطقة الشرق الأوسط، حيث يؤكد على أن “التجربة العراقية بما تحقق لها من نتائج وما لم يتحقق، تكون ماثلة في مدركات صناع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية وباقي الدول الغربية، ويتم استحضارها عند التفكير بالتعامل مع أي دولة من دول منطقة الشرق الأوسط وغيرها من الدول في مناطق أخرى من حيث إمكانية استخدام القوة وتغيير النظام فيها من عدمه، وهو ما يحصل الآن في التعامل مع إيران”.