أكد الباحث والمحرر بمجلة السياسة الدولية، عمرو عبد العاطي، في تعليق خاص لموقع “الحائط العربي” على وجود اتفاق بين الإدارات الأمريكية المختلفة من أوباما إلى ترامب إلى بايدن فيما يتعلق بالنظرإلى الصين كتحدي للنظام الدولي الذي أسسته الولايات المتحدة الأمريكية. إلا أن هناك ثلاثة اختلافات رئيسية للإدارة الأمريكية الجديدة. أولها: غلبة المقاربة الاقتصادية لدى إدارة ترامب مقابل صعود الجانب السياسي والقيمي في المقاربة الجديدة لبايدن، والتركيز على الديمقراطية والأوضاع الحقوقية في الداخل الصيني، في ظل سعي الصين إلى فرض نموذجها السياسي. إلا أن هذا لا يعني إغفال الإدارة الجديدة للجانب الاقتصادي.
وبخلاف المواجهة المباشرة المنفردة لترامب فإن جو بايدن سيعمل على تعزيز التحالفات الامريكية والاعتماد عليهم، مثل التحالف الرباعي المكون من الولايات المتحدة وأستراليا والهند واليابان باعتبارهم القوى الأساسية التي لديها قدرة على مواجهة الصين.
أما الاختلاف الثالث فهو اعتماد الرئيس الأمريكي الجديد على استراتيجية الموازنة بين الضغوط والتحالفات، بالضغط في القضايا الخلافة والبحث إمكانية التعاون في الملفات المشتركة كقضية المناخ.
ويرى عبد العاطي أن التوجهات الأمريكية الجديدة تجاه الصين ترتبط بالتوجهات الكبرى للسياسة الخارجية الأمريكية في عهد بايدن. من حيث “العودة إلى العالم” والاهتمام بقضايا حقوق الإنسان والديمقراطية، وبلورة سياسة خارجية أمريكية للطبقة الوسطى.
وتتقارب سياسة بايدن مع سياسة أوباما من حيث العمل على تحميل الصين مسئولية القيادة، وتكلفة المكانة والدور في النظام الدولي الذي تستفيد منه الصين. حيث يسعى بايدن إلى زيادة انخراط الصين في النظام الدولي. حيث ان خروج الصين من النظام الدولي والتريكز على الجانب الاقتصادي يكسبها مزايا نسبية مقابل الإنهاك الأمريكي، بينما يحد من ذلك إدماجها في النظام الدولي وتحمل تكاليف الحفاظ على هذا النظام. كما أنه سيسبب صعود للطبقة الوسطى الذي يؤدي إلى مطالب سياسية قد تدفع باتجاه تحويل النظام الصيني إلى نظام ديمقراطي أقرب إلى القيم والمبادئ الأمريكية. وكذلك يضمن أن يكون الصعود الصيني سلميًا ودون استخدام القوة وألا تسعى لتغيير النظام الذي مكنها من تحقيق مزايا اقتصادية وسياسية ومكانة دولية.
وأشار عبد العاطي إلى اتباع الإدارة الجديدة في بعض الملفات سياسة “الهدف المباشر” وليس “الصبر الاستراتيجي” خاصة في ظل الأزمات الداخلية الأمريكية. مؤكدًا على وجود خلخلة في الدور والنموذج الأمريكي في العالم في الوقت الذي تترجم فيه بكين قوتها الاقتصادية إلى قوة سياسية وعسكرية، مما دفع حلفاء أوروبيين إلى الاتجاه نحو علاقات مصلحية مع الصين. وأن هناك تحديًا للقوة العسكرية الأمريكية في ظل تزايد نسبة الإنفاق العسكري للصين، بالإضافة إلى التحديات والازمات التي واجهتها التدخلات العسكرية الأمريكية. وكذلك الحال فيما يتعلق بالتراجع الأمريكي على المحورين الاقتصادي والتكنولوجي في ظل الصعود الصيني. بالإضافة إلى أزمات الداخل الأمريكي. وهو ما يطبع العلاقات بين الدولتين بالندية.