سطر أول في كتاب الدولة – الحائط العربي
سطر أول في كتاب الدولة

سطر أول في كتاب الدولة



ألقى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، حفظه الله، خطاباً قبل أيام، كان بمثابة التأسيس لمرحلة مقبلة في مسيرة الدولة الحافلة.

تضمن الخطاب رؤية واضحة على مستويات ثلاثة: مستوى الإنسان في الإمارات سواء كان هذا الإنسان مواطناً إماراتياً، أو كان مقيماً يعمل على أرض الدولة ويحتمي بها. ثم مستوى النهج الحاكم للقيادة، وأخيراً مستوى العلاقة التي تربط الإمارات بمحيطها العربي كله، أو محيطها الإقليمي على امتداداته، أو المحيط الدولي على اتساعه.

كان الخطاب هو الأول من نوعه، منذ تولى صاحب السمو قيادة الدولة قبل شهور، خلفاً للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيّب الله ثراه.

وكان لافتاً في الخطاب أنه استحضر نهج الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ومن بعده نهج الشيخ خليفة في الحكم، وأشار إلى أن القيادة الحالية تسير على خطى النهجين معاً، وتستلهم منهما الدروس والعبر في العزيمة وفي الإرادة على حد سواء.

وفي هذا إشارة إلى أن فكرة التراكم حاضرة في مسيرة الدولة، وأن ما بناه الشيخ زايد ومعه الشيخ خليفة، طيب الله ثراهما، هو أرضية ثابتة يقوم عليها كل بناء لاحق، ويعلو فوقها كل إنجاز قادم، وتتكامل معها كل خطوة تقطعها حكومة الدولة في ذهابها إلى المستقبل.

وعندما تطرق الخطاب إلى ما بين الحاكم في الإمارات في هذه اللحظة، وبين المواطن، فإنه ألمح إلى علاقة من نوع فريد تربط بين الطرفين. علاقة نتذكر بها نظرية العقد الاجتماعي الشهيرة، التي كان الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو قد وضعها، وأرادها عقداً بين أي حكومة وأي مواطن في أي أرض.

هنا الأمر مختلف في الحالة الإماراتية.. وهذا ما يظهر جلياً في الخطاب وبين سطوره، فقوة الحاكم في الإمارات هي من التفاف مواطنيه حوله عن ثقة، وعن إيمان، وعن قناعة. وفي المقابل، فإن راحة المواطن وسعادته هي أساس كل الخطط التي تضعها الحكومة، ثم تعمل على تحويلها من عبارات منقوشة على ورق، إلى واقع حي يعيشه الناس في أرجاء الدولة بإماراتها السبع، التي جمعها الاتحاد منذ مطلع السبعينات في القرن العشرين، فكانت نموذجاً في اتحادها ولا تزال.

علاقة من هذه النوعية بين طرفي العقد الاجتماعي الإماراتي، تبقى ملهمة بالنسبة للكثير من الحكومات، وكذلك الكثير من الشعوب في المنطقة وفي غير المنطقة.

فإذا انتقلنا من مستوى هذه العلاقة بين حاكم وبين شعبه، إلى مستوى العلاقة بين دولة الإمارات وبين محيطها على تنوعه، عربياً، وإقليمياً، ودولياً، تبين لنا أننا أمام مستوى من العلاقات لا يقل في فرادته ولا في تميزه عن المستوى الأول.

والسبب أن الإمارات تمارس علاقاتها في محيطها العربي، والإقليمي، والدولي، وفق مبادئ لا تتبدل ولا تتغير، ولكنها بالطبع تتطور بحكم طبائع الأشياء.

من هذه المبادئ أن سيادة الدولة الإماراتية ليست محل فصال، ولا موضع تنازل، ولا هي مجال لمساومة، ومن المؤكد أن هذا المعنى هو السطر الأول في كتاب الدولة، منذ قام الاتحاد ومنذ رأى النور. ومن المبادئ أيضاً، أن الإمارات داعية سلام وتعاون بين الأمم، من دون أن تفرق بين أمة وأمة، وهي تمارس دعوتها هذه بين أمم الأرض وتنشرها في كل اتجاه.

وفوق هذا كله في الخطاب، فإنه يبقى «رسالة» من الطمأنة إلى كل مواطن وكل مقيم. هو رسالة طمأنة في عالم ليس فيه ركن إلا ويموج بالأزمات، وليس فيه مكان إلا ويمتلئ بالمشكلات. إن القصة باختصار أن الإمارات آمنت منذ البداية بالفرد وراهنت عليه، فكسبت الرهان شأن كل رهان على جوهر الإنسان.

نقلا عن الخليج