العرب فى ٢٠٢٢ – الحائط العربي
العرب فى ٢٠٢٢

العرب فى ٢٠٢٢



اجتمع مجموعة من المثقفين والباحثين المصريين لمناقشة أحوال العالم العربى فى العام الجديد. البعض كان له وجهة نظر متفائلة نتيجة لعدد من الإرهاصات التى بدأت فى ٢٠٢١، منها المصالحة التى تمت مع قطر، والانفتاح على سوريا الذى تمثل فى زيارة وفود عربية رسمية لدمشق، وانخفاض حدة التوتر فى العلاقات العربية مع عدد من الدول الإقليمية منها إيران وتركيا، وهو ما قد يفتح الباب لمزيد من التعاون معهما فى العام الجديد.

وجهة النظر المتشائمة أشارت إلى استمرار الصراع العسكرى فى سوريا واليمن، والخلافات السياسية فى السودان وتونس وليبيا، واضطراب الأوضاع الاقتصادية فى لبنان، واستمرار الجمود فى القضية الفلسطينية.

البعض تحدث عن أن التحولات الحديثة التى يشهدها الشرق الأوسط والمنطقة العربية، والتغير فى شبكة التحالفات وعلاقات التعاون- تعود إلى سببين رئيسيين الأول هو نهاية ما يُعرف بمرحلة «الربيع العربى» التى بدأت عام ٢٠١١، وترتب عليها انقسامات وخلافات بين دول مؤيدة ومعارضة لهذه الظاهرة.

السبب الثانى هو تراجع الارتباط الأمريكى بمنطقة الشرق الأوسط، والذى ترتب عليه من ناحية حالة من الفراغ سعت القوى الإقليمية إلى ملئه، ومن ناحية أخرى دفع العديد من دول المنطقة إلى الاعتماد بشكل أكبر على نفسها وعلى شبكة جديدة من التحالفات الإقليمية والدولية.

فى هذا السياق ألمح البعض إلى أن عودة الحوار مع كل من تركيا وإيران لم تغير سياستهما بشكل كبير تجاه العالم العربى، وما زال هناك «تنمر» من هاتين الدولتين تجاه العرب، وسعى حثيث لتحقيق نفوذ إقليمى فى المحيط العربى، وما زال التورط التركى مستمرًّا فى قضايا عربية.

وهناك تخوف من عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووى مع إيران، والمتوقع حدوثه فى ٢٠٢٢، والذى سوف يترتب عليه رفع العقوبات الاقتصادية على طهران، ويبقى سؤال دون إجابة حاسمة، وهو: هل ستقوم إيران باستثمار العوائد المالية المترتبة على رفع العقوبات فى التنمية الداخلية أم فى مساندة سياسات وقوى عدم الاستقرار بالمنطقة؟

الحديث المتشائم امتد أيضًا إلى حالة الجامعة العربية والعمل العربى المشترك، بالرغم من الجهد الكبير الذى يقوم به الأمين العام الحالى أحمد أبوالغيط، وسعيه الدؤوب لأن تكون الجامعة جزءًا من التفاعلات العربية المختلفة، بل أحيانًا كانت الجامعة سباقة فى ملء الفراغ بالنسبة لعدد من القضايا وقبل أن تقيدها مواقف الدولة الأعضاء، وأثبتت الأحداث بعد ذلك صدق تقديرها الاستراتيجى بشأنها، كما فى حالة موقفها المبكر بالنسبة لتطور الأحداث فى السودان.

وبالرغم من ذلك أشار البعض إلى القيود التى لا تزال تعيق آليات التعاون العربى المشترك، ومنها ميثاق الجامعة العربية، الذى عكس منذ البداية وجهة نظر الدول التى تنظر للجامعة كمجرد أداة «للتنسيق» بين الحكومات العربية وليس آلية لتبنى سياسات ملزمة للدول الأعضاء، ويعطى الميثاق سلطات محدودة للأمين العام، ومن الصعب تغيير الميثاق فى الظروف الحالية.

وهناك أيضًا المعوقات المتعلقة بضعف الموارد المالية للجامعة، وعدم سداد العديد من الدول حصتها فى الميزانية، والحاجة لتطوير قدرات الكوادر العاملة بالهيكل الوظيفى للأمانة العامة.

فى ظل هذه المعوقات يرى البعض أن الهدف الأساسى للجامعة فى المرحلة الحالية يجب أن يكون مجرد «الحفاظ» على هذا الكيان للحيلولة دون انهياره، وعلى أمل استثماره بشكل أفضل فى «المستقبل» وعندما تتحسن الظروف وتزداد القناعة بأهمية دوره.

ولكن هناك رؤية أخرى ترى أنه بالرغم هذه التحديات، فمازالت هناك مساحة كبيرة للعمل العربى المشترك ودور لجامعة الدول العربية، وخاصة فى القضايا المتعلقة «بالقوة الناعمة» وعلى رأسها الثقافة والتعليم وغيرهما، وكان آخر مظاهرها الاجتماع الذى عقد منذ أسابيع قليلة لوزراء الثقافة العرب، واستضافته دولة الإمارات بالتنسيق مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وخرج عنه العديد من التوصيات الهامة، وهناك آفاق كبيرة للحركة مع المثقفين والباحثين ومراكز الفكر العربية.

هناك أيضًا مشروع تطوير الجامعة العربية، الذى أعدته لجنة برئاسة الدبلوماسى الجزائرى المخضرم «الأخضر الإبراهيمى» وبتكليف من الأمانة العامة للجامعة، وضمت شخصيات عربية بارزة، ولكن عند عرض تقريرها عام ٢٠١٣ لم يحظ بالاهتمام الكافى من الدول الأعضاء، ربما للظروف الصعبة التى كان يمر بها الوطن العربى فى ذلك الوقت، ويمكن الآن زيارة توصيات هذا التقرير مرة أخرى، ومناقشته على المستوى الرسمى وغير الرسمى.

باختصار الوطن العربى فى ٢٠٢٢ لا يزال يمر بمرحلة دقيقة، ومع استمرار بعض التحديات، فهناك أيضًا تحسن كبير على مستوى العديد من الدول، وفرص لتعزيز العمل المشترك فى العام الجديد.

نقلا عن المصري اليوم