مع زيارة وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن لمنطقة الشرق الأوسط لإجراء محادثات حول «تصويب» الوجود الأميركي في المنطقة، وترسيخ أولويات احتواء الصين قبل إيران من باب القواعد في الخليج.
يثور السؤال الكبير، هل استأنفت واشنطن سياسات الانسحاب الأوبامية من هذه المنطقة المتوترة، وهل تملك الولايات المتحدة «ترف» التخلي عن الشرق الأوسط، وخلق إيران «نووية»!؟
المشكلة في تضارب الرسائل الأميركية، خاصة في عهد الإدارة الحالية الهزيلة، إدارة بايدن، نسمع، بعدما علمنا عن هدف زيارة الوزير أوستن، مسؤولاً مثل برايت ماكغورك منسق مجلس الأمن القومي الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، يؤكد عدم خروج الولايات المتحدة من المنطقة، كما جاء في كلمته الأخيرة أثناء «حوار المنامة 2021»، ويشدد – حول مستقبل المفاوضات مع إيران وطبيعة الحلول المطروحة – على أن واشنطن ترى النظام الإيراني بموقع العدو، لكنه أضاف: «سنرى ماذا يمكن أن تضع إيران على الطاولة في فيينا، ولا نزال ننظر إلى أن الدبلوماسية هي السبيل المثالي».
المعلوم أن مفاوضات فيينا ستعود في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بعد 6 جولات عقدت منذ أبريل (نيسان)، وتوقفت في يونيو (حزيران)… في لعبة التدويخ الإيرانية المعلومة.
في نفس حوار المنامة تحدث مسؤول من المنطقة، دولته تعرف تماماً أسرار إيران، وهو إيال هولتا مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، فقال، وكأنه يردّ على زميله الأميركي: «الإدارات الأميركية المتعاقبة لم تتمكن من دفع إيران لتغيير سياساتها. إن لم تضطر إيران لن تفعل ذلك».
الأميركي ماكغورك عقّب على من سأله عن خطر البرنامج الإيراني الصاروخي وسياسات إيران الشريرة في الدول العربية وغيرها، بالقول: «حسناً نعلم ذلك، لكن الأولوية اليوم لمنع القنبلة النووية»، وكأن خطر باليستيات ومسيرات وميليشيات إيران لا يقل ضرراً، إن لم يفق السلاحَ النووي الذي هو في الغالب سلاح ردع نفسي، أكثر منه سلاح حرب عملي.
ما هو البديل إن لم يقبل النظام الإيراني الشروط الأميركية، وحتى الآن يبدو أنه في مزاج متشدد مع توصيل المتزمت إبراهيم رئيسي لرئاسة الحكومة؟
ثمة تلويح بحلول سلمية أخيرة مثلما ذكرت الكاتبة جويس كرم بمقالتها في «الحرة» عن سيناريو بديل من نسج مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان وخلاصته:
توقيع اتفاق تمهيدي يخفض مستوى التخصيب – الذي خرقت فيه إيران كل الحدود أضعافاً مضاعفة – ويرفع عقوبات محددة عن إيران، من دون العودة الكاملة للاتفاق النووي. حسب «أكسيوس» هذا الأسبوع.
أما السيناريو الأخير، أيضاً حسب بعض المراقبين، فهو تفويض إسرائيل بالتعامل مع الأمر، تعاملاً مباشراً خشناً!
كيف سيرد «الحرس الثوري» المخبول حال حصول مواجهة عسكرية مباشرة من طرف إسرائيل… سيردّ على إسرائيل أم علينا… وكيف؟
كنّا بغنى عن كل هذه الاحتمالات لو تعاملت واشنطن، والغرب من خلفها، بحزم ونية صادقة وسياسة غير متناقضة من البداية… لكن هكذا صار، وهكذا علينا تنظيف الفوضى من بعدهم.
نقلا عن الشرق الأوسط