وساطة عربية فى الأزمة الأوكرانية – الحائط العربي
وساطة عربية فى الأزمة الأوكرانية

وساطة عربية فى الأزمة الأوكرانية



مع تعثر جهود وقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا، حتى الآن، يبدو أن يوميات الصراع الروسى الأوكرانى ستراكم المزيد من مشاهد الدمار والخراب، بعد أن تمكن الغرب بقيادة الولايات المتحدة من جر موسكو إلى ميدان قتال مكشوف يمكن من خلاله إنهاك الدب الروسى، فى محاولة لتقليص طموحاته فى العودة إلى غرفة قيادة العالم بالخصم من حصة الولايات المتحدة المتفردة بمقعد أحادى فى تلك الغرفة.

يعتقد البعض أن تراجع القوات الروسية من محيط كييف، واتجاهها شرقا، بداية لهزيمة بعد أن ألقى الغرب بثقلة خلف القوات الأوكرانية، وزودها بعتاد عسكرى، بدا أنه يُؤْتى أُكُلَه فى دفع الروس إلى التقهقر، غير أن خبراء عسكريين لا يرون فى هذه الخطوة سوى إعادة انتشار تكتيكى للجيش الروسى، وبما يضمن بقاء طويلا فوق الأراضى الأوكرانية، وخاصة فى أقليم دونباس الذى تعمل روسيا على ضمه إليها إلى الأبد.

فات الذين يتحدثون عن خسارة مبكرة لروسيا فى تحقيق أهدافها من الحرب، أن الخسائر المادية والبشرية دفعت الرئيس الأوكرانى إلى الحديث بلسان أقل تحديا، وأكثر مرونة، عن استعداده التفاوض بشأن إعلان «حياد» بلاده، تخليها عن امتلاك أسلحة نووية شريطة الحصول على ضمانات أمنية، تمنع الأذى عن أوكرانيا مستقبلا، وهو ما يجرى التفاوض المباشر بشأنه فى الاجتماعات التى تتم فى تركيا.

ربما لا تكون تلك المفاوضات قادرة، حتى الآن، على الوصول إلى بر الأمان من شواطئ ذات مد وجزر ورياح عاتية، غير أن استمرارها، ودخول أطراف جديدة على خط الوساطة، يفتح أبوابا للأمل فى تجاوز العالم واحدة من أخطر الحروب المؤثرة بالسلب على جميع بقاع الكرة الأرضية.

وبعد جهود الوساطة الفرنسية، والألمانية، والإسرائيلية، والتركية، التى سبقت الحرب أو تلتها، ها هى الجامعة العربية تدلى بدلوها. ووفقا لما نشرته صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية (الأحد 3 أبريل 2022) فإن وفدا وزاريا عربيا يضم الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط ووزير الخارجية سامح شكرى، ووزراء خارجية الأردن والجزائر والعراق والسودان، من المقرر أن يزور موسكو الإثنين (4 أبريل) للقاء كبار المسئولين الروس، وبينهم وزير الخارجية سيرجى لافروف، فيما سيتوجه الوفد ذاته، إلى بولندا (اليوم) الثلاثاء للقاء وزير خارجية أوكرانيا، ديميترو كوليبا.

الوفد العربى سيبحث «آفاق وسبل مساهمة الوفد الوزارى العربى فى مساعى التهدئة والتخفيف من حدة التوتر، وصولا إلى تقريب وجهات النظر بما يسمح بحل سياسى يرتكز على مبادئ القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة، ويأخذ بعين الاعتبار مشاغل كل الأطراف».

التحرك العربى ينطلق من التأثير السلبى الحاد للحرب الروسية الأوكرانية على علاقات العرب بروسيا والغرب، وسط حالة الاستقطاب وإصرار كل طرف على اعتماد مقولة «من ليس معى فهو ضدى»، ومن هنا نأمل أن تسفر الجهود العربية عن تخفيف الضغوط على بلداننا التى يصعب عليها التضحية بعلاقاتها المتشابكة مع أى من أطراف الأزمة.

لا أحد من محبى السلام يريد أن تستمر الحرب الروسية الأوكرانية طويلا، غير أن هناك من يسعى دائما لتحقيق المكاسب، وجنى الأرباح على حساب الجميع وفى مقدمة هؤلاء صناع الأسلحة الذين تتراكم أرباحهم وتروج بضاعتهم، باختلاق الحروب إن لم تنشب من تلقاء نفسها.

وفى الحرب الروسية الأوكرانية تتلمظ شركات الأسلحة الأمريكية لجنى المزيد من الأرباح ليس من خلال بيع السلاح الذى تعوض به واشنطن مخزونها الذى أمدت به أوكرانيا، ضمن 3.5 مليار دولار مخصصه لهذا الغرض، وأنما تعول تلك الشركات على صفقات للجوار الأوكرانى، وربما تكون العين أوسع على ألمانيا التى أعلنت فى أواخر فبراير الماضى، بعد الغزو الروسى لأوكرانيا، اعتزامها تحديث قواتها بنحو 100 مليار يورو.

ولهذا يروج صناع الأسلحة المخاوف من أن العالم لم يعد آمنا، وسعيهم الدءوب لإطالة أمد الصراع الروسى الأوكرانى، بل وتركه مفتوحا لسنوات، وهنا تكمن المعضلة.

نقلا عن الشروق