جبهات متعددة:
ما هي اتجاهات تحرك تنظيم داعش بالإقليم خلال عام 2021؟ (ملف خاص)

جبهات متعددة:

ما هي اتجاهات تحرك تنظيم داعش بالإقليم خلال عام 2021؟ (ملف خاص)



شهد عام 2021 العديد من الاتجاهات الرئيسية في مسار العمليات الإرهابية لتنظيم داعش من حيث إعادة التركيز على دولة المركز (العراق)، مع الاهتمام بدول جديدة بالمنطقة العربية مثل لبنان وليبيا، وارتفاع حدة المواجهة مع تنظيم القاعدة خلال العام الجاري، ومحاولة التوسع الجغرافي في خراسان “أفغانستان”، وتركيز المتحدث الرسمي للتنظيم “أبو حمزة القرشي” على مهاجمة السجون بهدف تحرير العناصر الإرهابية التابعة لداعش. ومن ثَمّ يُعتبر عام 2021 هو عام إعادة الهيكلة والتوسع وإعادة السيطرة لتنظيم داعش بعد مرحلةٍ من الانهيار والتراجع في أعقاب انهيار ما يُسمى “دولة الخلافة الداعشية” المزعومة التي سقطت في الباغوز (مارس 2019).

ويتزامن تنامي نفوذ تنظيم داعش في الإقليم مع تراجع نشاط تنظيم القاعدة إلى أدنى مستويات النفوذ، سواء على مستوى المركز أو الأفرع، حيث تمكّن تنظيم داعش خلال العام الجاري (يناير – أغسطس 2021)، من تنفيذ ما يقرب من 1830 عملية إرهابية، بارتفاع ملحوظ مقارنة بالفترة نفسها من العام الفائت 2020. وهي النسبة التي تقترب من معدلات العمليات الإرهابية للتنظيم قبل سقوط الموصل يونيو 2017.

وقد اتّسمت اتجاهات تحرك تنظيم داعش في الإقليم خلال العام الجاري بثلاثة اتجاهات رئيسية؛ أولًا: إعادة السيطرة على دولة المقر “العراق”. ثانيًا: التركيز على مواجهة تنظيم القاعدة وحركة طالبان. ثالثًا: إعادة التموضع بمناطق جديدة بدول المنطقة العربية.

أولًا: التركيز على دولة المقر “العراق”

تصاعدت حدة عمليات تنظيم داعش الإرهابية في الساحة العراقية خلال عام 2021، وبشكل خاص منذ النصف الثاني من 2021، حيث يهدف التنظيم من التركيز على دولة العراق إلى إعادة فرض السيطرة، وإرسال رسائل متعددة للغرب والولايات المتحدة الأمريكية بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وتقليل التواجد العسكري في العراق، بجانب محاولة التنظيم تحرير العناصر الإرهابية التابعة له المقبوض عليهم في مقرات الاحتجاز العراقية عبر تكثيف العمليات الإرهابية لأسر عناصر أمنية عراقية لعملية المقايضة؛ إذ يعتبر هدف تحرير المقاتلين من أهم أهداف تنظيم داعش خلال المرحلة المقبلة بناء على آخر توصية من قبل زعيم التنظيم السابق “أبو بكر البغدادي” عندما طالب عناصر ومقاتلي تنظيم داعش بالتركيز على اقتحام أماكن احتجاز عناصر التنظيم المقبوض عليهم بدول الإقليم وفي مقدمتها الدولة العرقية.

ثانيًا: استهداف تنظيم القاعدة وحركة طالبان

في أعقاب مقتل زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي في أكتوبر 2019، ركز التنظيم على الساحة الأفغانية من حيث استهداف تنظيم القاعدة وحركة طالبان، وهو ما يجعل من الساحة الأفغانية تحتل المرتبة السادسة خلال العام الجاري 2021، من حيث عدد العمليات الإرهابية التي نفذها تنظيم داعش، بعد العراق والشام وغرب إفريقيا ووسط افريقيا، حيث سعى التنظيم إلى تحقيق عدة أهداف، منها مواجهة التهديد الأول للتنظيم والمتمثل في تنظيم القاعدة لكونه المنافس الأوحد للتنظيم في مجمل أفرع التنظيم بدول العالم، سواء من حيث انتشار أفرع تنظيم القاعدة بدول العالم، أو من حيث إمكانيات تنظيم القاعدة من الناحية الفقهية والعددية والمالية.

وفي هكذا سياق، طمح تنظيم داعش إلى اقتناص زعامة التنظيمات الإرهابية عبر إظهار التفوق والريادة في مواجهة تنظيم القاعدة باعتبار تنظيم داعش هو التنظيم الأقوى في ساحة التنظيمات المتطرفة العنيفة، سواء من حيث تماسك البنية التنظيمية، أو من حيث قدرة التنظيم على القيام بالعديد من العمليات الإرهابية في الكثير من دول العالم بما فيها المركز الرئيسي لتنظيم القاعدة بأفغانستان، وضد الحليف الاستراتيجي لتنظيم القاعدة (حركة طالبان) التي تُعتبر الأب الروحي لتنظيم القاعدة.

ثالثًا: إعادة التموضع بمناطق جديدة

حاول تنظيم داعش خلال العام الجاري إنشاء مناطق تمركز جديدة للتنظيم عبر تعزيز وجوده ببعض مناطق المنطقة العربية، وكانت ليبيا ولبنان من أهم المناطق التي يسعى تنظيم داعش لإعادة التموضع بها خلال العام الجاري، مستغلًا مرور لبنان بأزمة سياسية واقتصادية واجتماعية حادة منذ أكتوبر 2019. ولعل هذا ما كشفت عنه الهجمات الإرهابية التي نفذها التنظيم خلال عام 2020، على غرار العملية التي وقعت في 21 أغسطس 2020، حيث قام مسلحون بإطلاق النار على عناصر أمنية ببلدة كفتون بمنطقة الكورة شمالي لبنان أثناء مرور القوات بالمنطقة، مما أدى إلى مقتل 3 أشخاص، ثم أعقب هذه العملية مقتل أربعة عسكريين في مدينة طرابلس شمال لبنان أثناء عملية مداهمة من جانب قوات الجيش في 13 سبتمبر 2020، ومقتل قائد الخلية الإرهابي خالد التلاوي الذي بادر باستخدام متفجرات ضد قوات الجيش، وهو ما دفع الإرهابي عمر بريص إلى تنفيذ عملية في 26 من الشهر نفسه ضد موقع للجيش اللبناني مقابل معسكر عرمان في المنية، وهو ما أسفر عن مقتل عسكريَّيْن اثنين إلى جانب الإرهابي.

كما شكّلت حالة عدم الاستقرار المسيطرة على الداخل الليبي محفزًا هامًا لتصاعد نشاط التنظيم داخل ليبيا، أضف إلى ذلك الأهمية الاستراتيجية لليبيا كنقطة امتداد واتصال ممكنة مع تواجد التنظيم في منطقة الساحل والصحراء الإفريقية، حيث يسعى تنظيم داعش من إعادة النشاط في ليبيا إلى ضم داعش ليبيا إلى فرع التنظيم في الساحل الإفريقي الذي يبدأ من ليبيا مرورًا بدول تشاد والنيجر ومالي وصولًا إلى موريتانيا، والاستفادة من حرية الانتقال عبر الحدود الهشة في المنطقة.

وتأسيسًا على ما سبق، يأتي هذا الملف الذي يضم ثلاثة موضوعات تحدد ملامح تحركات تنظيم داعش في الإقليم خلال عام 2021.