القضايا العشر:
ما أبرز الملفات الرئيسية في القمة العربية الـ31 بالجزائر؟

القضايا العشر:

ما أبرز الملفات الرئيسية في القمة العربية الـ31 بالجزائر؟



تطرقت القمة الـ31 للقادة العرب في الجزائر، إلى عدد من الملفات الرئيسية، في ضوء التحديات والتهديدات التي تواجه الدول العربية، وجاءت أبرز القضايا العشر، كالتالي: مركزية القضية الفلسطينية، ومشروع لتطوير الجامعة العربية الذي جاء في إطار دعم العمل العربي المشترك، وجهود مكافحة الإرهاب والتصدي للمليشيات المسلحة، ورفض التدخلات الأجنبية، ودعم حل “ليبي-ليبي”، ودور جماعي لحل الأزمة السورية، والتوصل لحل سلمي للأزمة اليمنية، ومواجهة أزمة المناخ والأمن المائي والغذائي، والتحديات الاقتصادية في مرحلة ما بعد الجائحة والحرب في أوكرانيا، والموقف من التوترات على الساحة الدولية. في حين لم يتطرق البيان الختامي إلى مسارات لحل الخلافات البينية بين بعض الدول العربية.

اختتمت القمة العربية العادية الـ31 على مستوى القادة أعمالها، والتي استمرت ليومين (1- 2 نوفمبر 2022)، في الجزائر، بعد تعطل عقد القمة العربية خلال عامي 2020 و2021، بسبب تفشي جائحة كورونا.

واختار الجزائر شعار “لمّ الشمل” كعنوان للقمة العربية على مستوى القادة، في إشارة إلى التحديات التي تواجه الدول العربية، على مستوى التوترات والخلافات البينية بين عدد من الدول، إضافة إلى التباين في بعض المواقف تجاه القضايا العربية والأزمات المستدامة.

وبالنظر إلى كلمات القادة العرب المشاركين في القمة، أو ممثليهم بعد اعتذار عدد منهم عن الحضور، والبيان الختامي للقمة الـ31، يمكن تحديد القضايا الرئيسية التي طرحت خلال القمة، وأبرزها:

مركزية فلسطين

1- محورية ومركزية القضية الفلسطينية: تطرقت القمة إلى التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية،وتقديم كل الدعم للفلسطينيين لإقامة دول مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مع التأكيد على التمسك ببنود المبادرة العربية للسلام عام 2002، ومواصلة الجهود لحماية مدينة القدس والمقدسات ضد محاولات التغيير الديمغرافي وهوية المدينة الإسلامية والمسيحية، ورفع الحصار عن قطاع غزة، إضافةً إلى استمرار الدعم لحصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وهو بند أشار إليه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، خلال كلمته، بمطالبة القادة العرب بدعم الحصول على اعتراف مزيدٍ من الدول بدولة فلسطين.

وتبنى البيان الختامي إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكافة الأراضي العربية في سوريا ولبنان، وركزت بعض كلمات القادة العرب والبيان الختامي على دعم الجهود العربية في توحيد الصف الفلسطيني من خلال تحقيق المصالحة، إذ سبق القمة استضافة الجزائر “مؤتمر لمّ الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية”، الذي تمخض عنه “إعلان الجزائر”، مع إشادة “عباس” بالدور المصري في رعاية المصالحة بين الفصائل الفلسطينية.

إصلاح الجامعة

2- مشروع جزائري لتطوير الجامعة العربية: على الرغم من إشارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي تترأس بلاده جامعة الدول العربية، حتى موعد القمة العربية المقبلة على مستوى القادة، إلى ملف إصلاح جامعة الدول العربية، إذ تطرق إلى ضرورة اتخاذ منهج جديد لمعالجة الأزمات بكل مصداقية، من خلال إصلاحات جذرية لمنظومة العمل العربي المشترك؛ إلا أن البيان الختامي لم يتطرق إلى ملف “إصلاح الجامعة”.

واكتفى البيان الختامي في البند الثالث الذي جاء بعنوان “تعزيز وعصرنة العمل العربي المشترك”، بـ”تثمين المقترحات البناءة التي تقدم بها سيادة رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، السيد عبد المجيد تبون، والرامية إلى تفعيل دور جامعة الدول العربية في الوقاية من النزاعات وحلها، وتكريس البعد الشعبي، وتعزيز مكانة الشباب، والابتكار في العمل العربي المشترك”. في حين أشارت تقارير إعلامية إلى مناقشة مقترح مشروع جزائري لتطوير الجامعة العربية، لمواكبة التغيرات الإقليمية والدولية لتعزيز استجابة الدول العربية تجاه المستجدات.

مكافحة الإرهاب

3- توحيد الجهود لمكافحة الإرهاب والتصدي للمليشيات المسلحة: تطرق عددٌ من القادة العرب في كلماتهم إلى ضرورة مواصلة الجهود لمكافحة الإرهاب وما يتصل بها من تفشي ظاهرة المليشيات في عدد من الدول العربية خلال العقد الماضي، وتأثيرات ذلك على الأمن القومي العربي، من ناحية إطالة أمد الأزمات، في ضوء التحديات الإقليمية والدولية، واستغلالها من قبل بعض القوى الإقليمية والدولية لممارسة نفوذ في بعض الدول العربية، مع التأكيد على منع تقديم أي غطاء سياسي لها، وهو ما تطرق إليه البيان الختامي بالتأكيد على مواصلة مكافحة الإرهاب والتطرف وتجفيف منابع التمويل، مع”مطالبة الشركاء بعدم السماح باستخدام أراضيهم كملاذ أو منصة للتحريض أو لدعم أعمال إرهابية ضد دول أخرى”.

التدخلات الإقليمية

4- رفض التدخلات الخارجية بالشأن العربي: أثار عددٌ من القادة العرب مسألة التدخلات الإقليمية في الشأن العربي. ورغم التأكيد على أهمية العلاقات مع دول الجوار والشركاء الإقليميين، إلا أنها يجب أن تتأسس على مبادئ رئيسية تتعلق بعدم التدخل في الشأن العربي، وهو ما تطرق إليه البيان الختامي بالتأكيد على رفض التدخلات الخارجية بجميع أشكالها في الشأن العربي، وإعلاء الحلول العربية للأزمات المستدامة، عبر تقوية جامعة الدول العربية. وعلى الرغم من إشارة الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد، إلى التدخلات الإيرانية والتركية بشكل صريح فيما يتعلق بتهديد الأمن المائي للعراق؛ إلا أن البيان الختامي لم يتطرق إلى قضايا مُحددة للتدخل الإقليمي في الشأن العربي، ولكن كان الاكتفاء بمبدأ عام في ضوء تباين المواقف بين بعض الدول لوجود مصالح مع بعض الأطراف الإقليمية المختلفة.

حل ليبي

5- دعم الجهود لحل “ليبي-ليبي”: اهتمت كلمات بعض القادة العرب بطرح مسألة حل الأزمة الليبية، كأحد التحديات التي تواجه المنطقة العربية، ودعم الجهود في سبيل إنهاء حالة الانقسام والتوصل لاتفاق بشأن إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، كما أكد البيان الختامي على “دعم الجهود الهادفة لإنهاء الأزمة الليبية من خلال حل ليبي-ليبي يحفظ وحدة وسيادة ليبيا ويصون أمنها وأمن جوارها.. لتحقيق الاستقرار السياسي الدائم”. وهنا فإن الأزمة الليبية ألقت بظلالها على التحضير للقمة العربية على مستوى القادة، وتحديداً على مستوى التمثيل، في ضوء تباين المواقف لبعض الدول العربية، والتأرجح بين شرعية حكومة عبد الحميد الدبيبة أم حكومة فتحي باشاغا.

تسوية اليمن

6- التوصل إلى حل سلمي للأزمة اليمنية: فتحت الهدنة مع مليشيا “الحوثي” في اليمن، الباب أمام إمكانية تسوية الأزمة اليمنية، في إطار مفاوضات برعاية أممية، لوقف الأعمال القتالية؛ إلا أن “الحوثيين” رفضوا تجديد الهدنة، وسط إطلاق تهديدات لعدد من الدول الخليجية. وهنا فإن كلمات بعض القادة العرب أكدت على ضرورة حل الأزمة اليمنية لضمان استقرار ووحدة اليمن وسيادة أراضيه، في ضوء التحديات الإنسانية الصعبة التي تواجه الشعب اليمني. كما أن البيان الختامي شدد على مباركة تشكيل مجلس القيادة الرئاسي ودعم الحكومة الشرعية، مع التأكيد على “أمن دول الخليج العربي، ورفض جميع أشكال التدخل الخارجي في شؤونه الداخلية”.

معضلة سوريا

7- دور جماعي لحل الأزمة السورية: أعرب البيان الختامي للقمة الـ31، عن ضرورة “قيام الدول العربية بدور جماعي قيادي للمساهمة في جهود التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، ومعالجة كل تبعاتها السياسية والأمنية والإنسانية والاقتصادية، بما يضمن وحدة سوريا وسيادتها وبما يحقق طموحات شعبها ويعيد لها أمنها واستقرارها ومكانتها إقليمياً ودولياً”. وكانت دعوة سوريا إلى القمة العربية الـ31، أحد الملفات الشائكة في إطار التحضير لها، خاصة في ظل تعليق عضوية سوريا بالجامعة منذ الأحداث التي شهدتها منذ عام 2011، ورفض بعض الدول إعادة مقعد سوريا. وكان أحد الحلول الوسط اعتذار سوريا عن حضور القمة، في اتصال هاتفي بين وزير الخارجية السوري فيصل مقداد ونظيره الجزائري.

تهديدات غير تقليدية

8- التغيرات المناخية والأمن الغذائي والمائي: تطرقت الجلسة الافتتاحية وكلمات القادة العرب،إلى خطورة التغيرات المناخية على العالم العربي وتأثيرات ذلك المباشرة على الجفاف والأمن الغذائي، وهي قضية عالمية ستكون لها تداعياتها على الدول العربية، بما يستدعي تضافر الجهود لمواجهة تلك التحديات. واستعرضت كلمات بعض القادة المشاركين جهود دولهم في الحد من الانبعاثات الكربونية، واتخاذ خطوات في سبيل دعم الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة.

كما تطرّق بعض القادة للتحديات التي تواجه بلادهم فيما يتعلق بالأمن المائي، في ظل الفقر المائي، وتأثير مشروعات بناء السدود على الموارد المائية. كما تطرق الرئيس العراقي، إضافة إلى تأكيد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى ضرورة التوصل لحل مع إثيوبيا من خلال اتفاق قانوني ملزم بشأن سد النهضة.

وفي إطار دعم الجهود لمواجهة التغيرات المناخية وتأثيراتها، أبدى البيان الختامي للقمة دعم الدول الأعضاء لمصر في استضافة الدورة (27) لمؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة حول تغير المناخ، وكذلك تحضير الإمارات لاستضافة الدورة (28) من المؤتمر ذاته، إضافة إلى دعم استجابة الصومال للتحديات المتعلقة بأزمة الجفاف الحادة التي تتعرض لها.

التعافي الاقتصادي

9- تداعيات التحديات الاقتصادية ما بعد الجائحة والحرب في أوكرانيا: ركزت كلمات القادة العرب على التداعيات التيخلفتها جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، من خلال أزمة التضخم التي يشهدها العالم، وأزمة سلاسل التوريد، بما يستدعي تحقيق التكامل العربي في مواجهة هذه التحديات الاقتصادية الصعبة على المنطقة العربية، في ضوء ما تتمتع به الدول العربية من موارد وثروات يمكنها التخفيف من تأثيرات الأزمات الاقتصادية على شعوب المنطقة، من خلال بناء شراكات اقتصادية وتنموية يمكن أن تشكل دعامة للعمل العربي المشترك. وجاء في البيان الختامي فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي بين الدول العربية، ضرورة “الالتزام بمضاعفة الجهود لتجسيد مشروع التكامل الاقتصادي العربي وفق رؤية شاملة تكفل الاستغلال الأمثل لمقومات الاقتصادات العربية.. بهدف التفعيل الكامل لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى تمهيداً لإقامة الاتحاد الجمركي العربي”.

ما بعد أوكرانيا

10- الموقف من التطورات الدولية: خلال الأعوام الثلاثة الماضية، شهدت الساحة الإقليمية والدولية تطورات متلاحقة، كان لها تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على الدول العربية، وفقاً لكلمات بعض القادة، إضافة لكلمة الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، وهو ما استدعى تأكيد البيان الختامي “وجود اختلالات هيكلية في آليات الحوكمة العالمية ومعالجتها لضمان المساواة بين جميع الدول، ووضع حد لتهميش الدول النامية، مع التأكيد على ضرورة مشاركة الدول العربية في صياغة معالم المنظمة الدولية الجديدة لعالم ما بعد كورونا والحرب في أوكرانيا”.

وفي ضوء التوترات على الساحة الدولية، تطرق البيان الختامي إلى الالتزام بمبدأ عدم الانحياز والموقف العربي المشترك من الحرب في أوكرانيا، ورفض استخدام القوة، وضرورة تفعيل السلام عبر انخراط مجموعة الاتصال العربية في هذا الشأن، وأبدت الدول الأعضاء “رفض تسييس المنظمات الدولية، والتنويه في هذا السياق بالمساعي التي قامت بها الدول العربية الأخرى مثل المملكة العربية السعودية، مع تثمين السياسة المتوازنة التي انتهجها تحالف (أوبك+) من أجل ضمان استقرار الأسواق العالمية للطاقة واستدامة الاستثمارات في هذا القطاع الحساس”.

خلافات بينية

وأخيراً، فإن البيان الختامي للقمة العربية الـ31 تطرق إلى بعض القضايا، ومنها دعم استضافة الإمارات لقمة المناخ المقبلة، ودعم استضافة مدينة الرياض لمعرض “إكسبو 2030″، إضافة إلى مساندة استضافة قطر لكأس العالم 2022. وعلى الرغم من طرح عدد من القضايا والملفات الرئيسية خلال القمة، فإن الخلافات البينية بين بعض الدول لم يتم التطرق لها في البيان الختامي. على سبيل المثال، أزمة القطيعة بين الجزائر والمغرب، في حين اكتفى البيان ببند يتعلق بـ”دعم استضافة المملكة المغربية للمنتدى العالمي التاسع لتحالف الأمم المتحدة للحضارات يومي 22 و23 نوفمبر 2022، بمدينة فاس”.