لبنان والخطر الكبير – الحائط العربي
لبنان والخطر الكبير

لبنان والخطر الكبير



مَن لم يشاهد مؤخراً صورة تلك الحقائب الضخمة التي تدخل لبنان من مطار بيروت الدولي مباشرة دون تفتيش؟!

لقد رجح البعض أن تكون تلك الحقائب أموالاً قادمةً لـ«حزب الله» اللبناني، مما دفع وزيرَ الداخلية اللبناني إلى توجيه كتاب لقيادة أمن مطار رفيق الحريري طالباً الاستقصاء حول الموضوع. ولعل هذه الصورة القادمة من لبنان تعبّر عن وضع بات فيه «حزب الله» يسيطر على مفاصل عديدة داخل الدولة اللبنانية، بما فيها أمن المطار والحدود، ومصادرة القرار السياسي وافتعال الأزمات مع الدول العربية. لقد عمل الحزب على تعزيز هذه الأزمات المفتعلة من خلال شخصيات تابعة له أو من خلال سلوكه العدواني تجاه العرب، وبما يخدم مصلحة غيرهم، وقد تجلت واضحة من خلال تصريحات الأمين العام للحزب الذي اتهم دولاً عربية بتأجيج الوضع في لبنان وبمحاولة افتعال حرب أهلية فيه، بينما الحقيقة هي أن الحزب نفسه هو رأس الفتنة والخطر الأول الذي يهدد لبنان بنشوب حرب أهلية فيه.

«حزب الله» نفسه هدد بأنه يمتلك أكثر من مائة ألف مقاتل في لبنان، مستعدين للقتال ومدربين ومسلحين بأسلحة وعتاد ضخم، حدث هذا بعد أن دفع الحزب أنصاره لاقتحام مناطق مسيحية بهدف استفزاز السكان، حيث حدث ما حدث من قتل وترويع. وهذا الحزب نفسه هو الذي يدفع بمقاتليه إلى اليمن والعراق وغيرهما من الدول ويدعم الحوثيين وجماعات الأيديولوجيا المذهبية المدعومة إقليمياً، أينما كانت وأينما حلت.

لبنان الذي نحبه في خطر كبير، وإبعاده عن الحاضنة العربية أمر خطير على حاضره ومستقبله، فاستحقاقات هذا البلد كبيرة، وليس فقط تشكيل حكومة وفاق متجانسة تخدم اللبنانيين، بل أيضاً توفير الخدمات الأساسية للشعب، وخلق ثقة بين المسؤول والشارع، والقضاء على الفساد المستشري.. فذكرى انفجار مرفأ بيروت حاضرة في أذهان اللبنانيين، حيث قتل العشرات ودمرت مئات المنازل لتقدَّر الخسائر بملايين الدولارات، وكل ذلك كنتيجة حتمية للفساد السياسي ولهيمنة قوى لا تخدم لبنان على المشهد السياسي.

الحرب الطائفية التي استمرت سنوات طويلة حاضرة في أذهان اللبنانيين حالياً، حيث كان القتل على الهوية والمذهب والدين، وحيث عاشت البلاد سنوات قاتمة لم تخرج منها إلا بجهود عربية، ليكون اتفاق الطائف الذي وضع أسس المعادلة السياسية اللبنانية التي لا غالب فيها ولا مغلوب، لكنها الآن تبدو معادلة متأرجحة، حيث بدأت أحزاب تطغى على أخرى وتأخذ صلاحيات أوسع كما يفعل «حزب الله» الذي بات مسيطراً على المشهد بشكل شبه كامل.

الحل في لبنان هو الحضن العربي، فالدول العربية المحبة للبنان كثيرة، ودول الخليج بشكل خاص صاحبة فضل على لبنان وتحمل المحبة والمودة الكبيرة لشعبه، ويجب أن يبتعد لبنان عن من يحاولون دفعه ليكون مجرد أداة ووسيلة لتحقيق مشاريع غير وطنية، ويجب أن يقترب أكثر من الدول التي لطالما قدَّمت له العون، فالجامعة العربية حاولت عبر الأمين العام المساعد حسام زكي حلحلة الأزمة مع الدول الخليجية، وعلى الرغم من أن هناك رغبة لدى كثير من اللبنانيين في التزام الإجماع العربي، فإن النتيجة كانت سلبية للغاية في ظل تعنت جهات ممسكة بالقرار السياسي اللبناني لم تستطع إظهار الحد الأدنى من حسن النية، وهو ما يدفع لبنان إلى المجهول وإلى قطيعة سيكون هو المتضرر الأول والأخير منها.

نقلا عن الاتحاد