أصدر معهد الاقتصاد والسلام (IEP)، في مارس الجاري، النسخة التاسعة من مؤشر الإرهاب العالمي (GTI-2022)، الذي رصد تطورات حالة الإرهاب في مختلف دول ومناطق العالم، حيث يتناول المؤشر النشاط الإرهابي في 163 دولة، ويضع تقييمات لهذا النشاط في دول العالم ومدى تأثرها به، فضلاً عن رصد تطورات نشاط وتكتيكات التنظيمات الإرهابية. ويمكن تناول أبرز الاتجاهات والنتائج التي توصل إليها التقرير عن حالة الإرهاب في العالم خلال عام 2021، على النحو التالي:
اتجاهات عالمية
ثمة عدد من الاتجاهات التي كشف عنها التقرير حول مجمل حالة الإرهاب في العالم، ومنها:
1- انخفاض أعداد الضحايا مع زيادة أعداد الهجمات: وفقاً للتقرير، انخفضت الوفيات الناجمة عن العمليات الإرهابية في عام 2021 بنسبة 1.2% لتصل إلى 7142 حالة وفاة، أي ما يعادل ثلث أعداد الوفيات الناجمة عن الإرهاب التي شهدها العالم في ذروة النشاط الإرهابي عام 2015. ولكن، على الجانب الآخر، سجل عدد الهجمات الإرهابية التي شهدها العالم خلال عام 2021 ارتفاعاً بنسبة 17% ليصل إلى 5226 هجوماً. ورغم ما يبدو من تناقض بين المؤشرين، فإن ذلك مرده إلى تراجع تأثير النشاط الإرهابي، حيث انخفضت خطورة الهجمات من 1.6 حالة وفاة لكل هجوم إلى 1.4. ومن بين 163 دولة شملها التقرير، لم تسجل 105 دول أية وفيات أو هجمات من الإرهاب في عام 2021، كأعلى معدل منذ عام 2007.
2- ثبات قائمة الدول الأكثر تأثراً بالإرهاب إلى حدٍ كبير: يُشير التقرير إلى أن الدول العشر الأكثر تأثراً بالإرهاب ظلت دون تغيير إلى حدٍ كبير. حيث حافظت أفغانستان والعراق على موقعهما كأكثر بلدين تأثراً بالإرهاب، للعام الثالث على التوالي. مع بعض التحرك داخل التصنيف، حيث صعدت بوركينافاسو للمركز الرابع، مقابل تراجع نيجيريا للسادس، وأصبحت باكستان العاشرة. مع استمرار تواجد الصومال ضمن الدول الخمس الأكثر تضرراً للعام السادس على التوالي. فيما دخلت النيجر وميانمار إلى القائمة، في المركزين الثامن والتاسع على التوالي. وكانت نيجيريا وسوريا والصومال هي الدول الوحيدة التي تسجل تحسناً من بين الدول العشر الأكثر تأثراً بالإرهاب.
3- تركُّز معظم النشاط الإرهابي في دول الصراعات المسلحة: لا يزال الصراع العنيف هو المحرك الرئيسي للإرهاب، فقد وقع أكثر من 97% من الهجمات الإرهابية في عام 2021 في دول الصراعات، ووقع 80% من العمليات الإرهابية في نطاق 50 كم من المنطقة التي يدور فيها صراع، وفق ما ذكره التقرير. مع الإشارة إلى أن الدول العشر الأكثر تضرراً من الإرهاب لعام 2021 كانت جميعها منخرطة في صراع مسلح بالفعل في عام 2020. كما كانت العمليات الإرهابية بدول الصراعات أكثر فتكاً بست مرات من غيرها. مع الإشارة إلى ارتفاع ضحايا الهجمات التي تستهدف المدنيين في دول الصراعات عن تلك التي تستهدف الشرطة والجيش والبنية التحتية.
4- محدودية تأثير جائحة (كوفيد-19) على الإرهاب في العالم: منذ أن أعلنت منظمة الصحة العالمية، في مارس 2020، أن (كوفيد-19) جائحة عالمية، كان من المتوقع ارتفاع معدلات الإرهاب. ومع ذلك، يجادل التقرير بأن تأثير الجائحة على الإرهاب كان ضئيلاً جداً في العامين الماضيين. بل ويفسر تراجع الإرهاب في الغرب بالقيود المفروضة على حرية التنقل والتجمع. والتي أبرزت أيضاً تحديات افتراضية على الإنترنت الذي تصاعد نشاط التنظيمات المتطرفة عليه. بينما من المتوقع على المدى الطويل أن تؤدي عواقب الجائحة الاجتماعية والاقتصادية إلى زيادة احتمالية التهديدات الإرهابية، في ظل تأثر ميزانيات مكافحة الإرهاب بتزايد العجز الحكومي نتيجة زيادة الإنفاق العام أثناء الجائحة. واحتمالية مفاقمة الإحباط الاقتصادي من الاضطرابات السياسية.
5- تنامي الإرهاب ذي الدوافع السياسية بالدول الغربية: انخفض عدد الهجمات الإرهابية وضحاياها بشكل كبير في الغرب خلال السنوات الثلاث الماضية، بنسبة وصلت إلى 70% في عام 2021 عن الذروة عام 2018. مع تجاوز الإرهاب ذي الدوافع السياسية نظيره ذا الدوافع الدينية الذي انخفض بنسبة 82% في عام 2021، بعدما كان الشكل الأكثر فتكاً للإرهاب في الغرب خلال العقد الماضي، قبل صعود الإرهاب ذي الدوافع السياسية منذ عام 2018. حيث شهدت الدول الغربية 40 هجوماً بدوافع سياسية (19 منها بألمانيا) خلال العام الماضي، مقارنة بثلاث هجمات ذات دوافع دينية.
6- تدهور شديد في مؤشرات إفريقيا جنوب الصحراء: نبّه التقرير إلى وجود تدهور خطير في العديد من دول إفريقيا جنوب الصحراء، ولا سيما منطقة الساحل. فقد تسببت العمليات الإرهابية بدول إفريقيا جنوب الصحراء في وفاة 3461، أي ما يعادل 48% من جميع الوفيات الناجمة عن الإرهاب على مستوى العالم، وشكلت وفيات منطقة الساحل وحدها 35% من ضحايا الإرهاب العالمي لعام 2021. ومن بين الدول العشر التي سجلت أكبر زيادة في الوفيات الناجمة عن الإرهاب، تقع 4 دول في إفريقيا جنوب الصحراء، منها 3 بمنطقة الساحل هي: بوركينافاسو، ومالي، والنيجر. بالإضافة إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية.
ويُحذر التقرير من التدهور السريع للأوضاع في منطقة الساحل بعد حدوث 8 محاولات انقلابية في بوركينافاسو ومالي وغينيا وتشاد في العام ونصف العام الماضيين. فضلاً عن توافر دوافع أساسية للنشاط الإرهابي مثل نقص الغذاء، وضعف السيطرة الحكومية، خاصةً في المناطق الحدودية التي تشهد معظم العمليات الإرهابية. وتوسع تنظيم “داعش” في إفريقيا جنوب الصحراء مع انحسار الصراع في سوريا. ورغم ذلك، فإن ثمة ملاحظة إيجابية تتعلق بانخفاض وفيات الإرهاب في إفريقيا جنوب الصحراء بنسبة 10٪. وهو ما يرجع بشكل كبير إلى عمليات مكافحة الإرهاب التي استهدفت بوكو حرام، حيث انخفضت الوفيات التي تسبب فيها التنظيم بنسبة 72% عن عام 2020.
7- زيادة كبيرة في وفيات الإرهاب بميانمار وانخفاض كبير بموزمبيق: ظهرت ميانمار لأول مرة بين الدول العشر الأكثر تضرراً من الإرهاب بعدما شهدت أكبر زيادة في وفيات الإرهاب بنحو عشرين ضعفاً عن عام 2020، وهو ما يُرجعه التقرير إلى عدم الاستقرار السياسي والاضطرابات التي شهدتها البلاد مع انقلاب فبراير 2021 والمرجح نموها في عام 2022. حيث كانت التنظيمات المناهضة للمجلس العسكري مسؤولة عن أكثر من نصف الوفيات الإرهابية في ميانمار العام الماضي، ووقعت غالبية الوفيات خلال الهجمات التي استهدفت أفراد الحكومة والجيش. فيما سجلت موزمبيق على الجانب الآخر أكبر انخفاض في الوفيات بسبب الإرهاب بنسبة 82% عن عام 2020. وهو ما يرجع بحسب التقرير إلى إجراءات مكافحة الإرهاب التي نفذتها القوات الموزمبيقية بالاشتراك مع رواندا والجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي ضد “داعش”.
8- نمو سريع لـ”نصرة الإسلام والمسلمين” واستمرار صدارة “داعش”: يَعتبر التقريرُ جماعةَ “نصرة الإسلام والمسلمين” الأسرع نمواً في العالم، بتسجيلها أكبر زيادة في عدد الهجمات والوفيات بعام 2021، ومسؤوليتها عن 351 حالة وفاة في عام 2021، بزيادة قدرها 69٪. ومع ذلك يظل تنظيم “داعش” الأكثر دموية عالمياً، بتسجيل أكبر عدد من الهجمات والوفيات في عام 2021، رغم انخفاض عدد الوفيات المنسوبة له بنسبة 1.6% عن عام 2020، وتراجع أعداد الدول التي شهدت تلك الوفيات إلى 20 بدلاً من 26.
9- دموية “داعش خراسان” بعد سيطرة “طالبان” على أفغانستان: سجلت أفغانستان 1426 حالة وفاة بسبب الإرهاب (أكثر من نصفهم مدنيون) وهو ما يعادل 20% من وفيات الإرهاب بالعالم، كأكبر عدد وفيات مرتبطة بالإرهاب بين دول العالم، وبزيادة سنوية 14%، مع زيادة الحوادث الإرهابية بنسبة 33%. كما سجل التقرير وقوع حوادث إرهابية في 32 مقاطعة من أصل 34، تصدرتهم “كابول” من حيث عدد الضحايا، مع تضاعف عدد الوفيات في منطقة قندهار ثلاث مرات. وفي حين أن حركة طالبان كانت مسؤولة عن معظم الهجمات، كان “داعش خراسان” مسؤولاً عن أكبر عدد من القتلى في أفغانستان في عام 2021، بنحو 518 ضحية، بما في ذلك هجوم مطار كابول الأكثر دموية في البلاد منذ عام 2007، الذي أسفر عن مقتل 170 شخصاً وإصابة أكثر من 200. فيما انخفضت الوفيات المنسوبة لهجماتها بنسبة 32% في ظل سيطرتها على الحكم.
ورغم سيطرة “طالبان” على السلطة، لا يزال الوضع الأمني في أفغانستان غير مؤكد، مع تصاعد الصراع بين “داعش خراسان” و”طالبان”، فمنذ استيلاء الحركة على الحكم في أغسطس 2021، نفذ “داعش خراسان” 32 هجوماً ضدها، مما أدى إلى مقتل 54 شخصاً. كما حظيت أفغانستان بربع عدد الوفيات المرتبطة بتنظيم بهجمات تنظيم “داعش” خلال عام 2021.
تحسُّن نسبي
أشار التقرير إلى وجود تحسُّن إقليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كاتجاه مستمر منذ 4 سنوات، وهو التحسن الذي يمكن تناوله على النحو التالي:
1- استمرار تحسُّن مؤشرات معظم دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: سجلت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحسُّناً عاماً خلال عام 2021، للسنة الرابعة على التوالي، حيث تحسنت 16 دولة، ولم تسجل ثلاث دول أي تغيير، فيما كانت الجزائر الدولة الوحيدة التي سجلت تدهوراً بسبب زيادة الوفيات المرتبطة بالإرهاب. وسجلت الأردن والمملكة العربية السعودية وليبيا أكبر تحسن في المنطقة، حيث لم يسجل الأردن أية هجمات إرهابية منذ عام 2019.
2- تراجع معدلات “الفتك” للهجمات الإرهابية بدول المنطقة: فيما سجلت دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 1271 هجوماً إرهابياً، فإن عدد الوفيات انخفض بنسبة 14% إلى 1139 حالة وفاة، كأدنى مستوى منذ عام 2007، مما يدل على تراجع معدلات “الفتك” للهجمات الإرهابية المنفذة في المنطقة إلى ما يقل عن شخص واحد في المتوسط لكل هجوم إرهابي في عام 2021، كأقل معدل فتك خلال العقد الماضي. وانخفضت نسبة ضحايا الإرهاب في المنطقة إلى نظيرتها العالمية إلى 16% فقط لعام 2021. فعلى الرغم من أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا شهدت أكبر عدد من الوفيات بسبب الإرهاب منذ عام 2007، فإنها سجلت انخفاضاً كبيراً في السنوات الأربع الماضية.
3- اعتبار “داعش” التنظيم الأكثر دموية في المنطقة: وفقاً للتقرير، يُعد تنظيم “داعش” أكثر التنظيمات الإرهابية دموية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تسبب في مقتل أكثر من 11500 فرد منذ عام 2014. وأعلن مسؤوليته عن 36% من إجمالي الهجمات التي شهدتها المنطقة في العام الماضي، فيما لم يعلن أي تنظيم مسؤوليته عن 57% من الهجمات. وعلى الرغم من أن تونس زادت من جهود مكافحة الإرهاب؛ إلا أنها سجلت زيادة طفيفة في الوفيات المرتبطة بهجمات “داعش” في عام 2021.
4- تراجع في مؤشرات العراق بعد سنوات من التحسُّن: بعد سنوات من التحسن، شهد العراق تزايداً في ضحايا العمليات الإرهابية بنسبة 15%، مع زيادة في الهجمات بنسبة 33% مقارنةً بعام 2020، حيث سجل العراق 833 هجوماً إرهابيا في عام 2021، كأعلى معدل بين مختلف الدول، وهو ما يُرجعه التقرير إلى تصاعد الاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار. ومع ذلك، فإن الوفيات الناجمة عن الإرهاب في العراق انخفضت بنسبة 91% مقارنةً بذروتها عام 2007.
وللسنة الثانية على التوالي، كان الجيش هدفاً لمعظم الهجمات الإرهابية، حيث ارتفع عدد الهجمات ضده بنسبة 60%، وسجل أكبر عدد من الوفيات بنسبة 43% من ضحايا الإرهاب في العراق في عام 2021. ورغم ذلك فإن تلك النسبة تشير إلى تراجع في عدد الوفيات بين قوات الجيش بنسبة 6% عن عام 2020، مقابل ارتفاع عدد الضحايا المدنيين بنسبة 28%. وعلى المستوى الإداري والجغرافي سجل المؤشر وقوع هجمات في 18 محافظة من أصل 19 محافظة عراقية العام الماضي، مع تضرر المحافظات الشمالية الشرقية بشكل أكبر. وشكلت محافظات ديالى وصلاح الدين وكركوك 48% من جميع الهجمات الإرهابية في البلاد.
ولا يزال تنظيم “داعش” يُهيمن على النشاط الإرهابي في العراق، حيث تسبب في قتل 71% من الضحايا بعام 2021. ففي حين انخفضت هجمات “داعش” في العراق بنسبة 7%، ارتفع عدد الضحايا بنسبة 9%، مما يدل على تزايد معدل “الفتك” لهجمات “داعش” بالعراق، حيث أسفرت هجمات التنظيم في العراق عن متوسط 1.14 العام الماضي مقارنة بـ0.98 حالة وفاة لكل هجوم عام 2020. كما نفذ التنظيم الهجوم الأكثر دموية بالعراق خلال العام بتفجير قنبلة بأحد أسواق بغداد، قتلت 35 مدنياً وأصابت 60 آخرين على الأقل. وبذلك مثلت العراق الدولة الأكثر تضرراً من هجمات “داعش” خلال العام. وذلك فيما كان حزب العمال الكردستاني مسؤولاً عن 22 هجوماً في عام 2021 نتج عنها مقتل 21 شخصاً، مما يمثل زيادة في نشاطه مقارنة بعام 2020 الذي سجل فيه 8 هجمات و4 وفيات فقط.
5- انخفاض كبير في أعداد ضحايا العمليات الإرهابية بسوريا: بينما ارتفع عدد الوفيات الناجمة عن الإرهاب في سوريا بشكل كبير في عام 2020، فإنه عاود الانخفاض في عام 2021 بنسبة 33%، وبذلك سجلت سوريا أكبر تحسن في عدد الضحايا العام الماضي على مستوى المنطقة، وثالث أكبر انخفاض عالمي بعد موزمبيق ونيجيريا. وهو ما يُفسره التقرير بانخفاض هجمات تنظيم “داعش” بنسبة 34%، نتيجة الهزائم التي تكبدها في سوريا عام 2019، فيما انخفض عدد الحوادث الإرهابية في الدولة بشكل عام بنسبة 23%. ورغم ذلك فإن “داعش” ظل الأكثر دموية في سوريا للعام الثامن على التوالي، عبر مسؤوليته عن 49% من الوفيات و32% من الهجمات.
ووفقاً للتقرير، فإن الجيش السوري لا يزال الهدف الأبرز للهجمات الإرهابية، وصاحب أكبر عدد من الضحايا. وقد أسفر الهجوم الإرهابي الأكثر دموية في سوريا عام 2021 عن مقتل 13 جندياً في هجوم على مركبة عسكرية في محافظة حمص، لم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عنه، فيما أفادت وسائل الإعلام المحلية بمسؤولية “داعش” عنه. وجغرافياً، كانت المحافظات الشمالية الأكثر تضرراً من الإرهاب في عام 2021، حيث وقعت 45% من الهجمات بمحافظتي دير الزور وحلب. ورغم أن هاتين المحافظتين لا تزالان تُعتبران الأعلى من حيث عدد الهجمات الإرهابية بواقع 77 و75 هجوماً على التوالي خلال العام؛ فإن الهجمات التي استهدفت دير الزور تراجعت بنسبة 48% مقارنة بعام 2020، مع ثبات مُعدل هجمات حلب.
6- استمرار تهديدات “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” للجزائر: تُعد الجزائر الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تدهورت عام 2021 وفق مؤشرات التقرير، حيث سجلت 3 هجمات بزيادة قدرها هجوم واحد عن عام 2020. وعلى الرغم من الزيادة الهامشية في الهجمات، فقد تم تسجيل 8 وفيات في عام 2021، كأعلى عدد وفيات مرتبطة بالإرهاب في الجزائر منذ 2018. كما نفذ “تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” خلال العام الماضي الهجوم الأكثر دموية بالجزائر منذ عام 2018، بتفجير قنبلة بمدينة “تبسة” نتج عنها مقتل 5 مدنيين وإصابة 3 آخرين. ومن بين 870 حالة وفاة شهدتها الجزائر نتيجة قرابة 400 هجوم إرهابي منذ عام 2007، نُسبت 63% من تلك الوفيات لهجمات “القاعدة”.
ترتيب دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على مؤشر الإرهاب العالمي 2022
الدولة |
الترتيب
العالمي |
الدرجة |
الترتيب
العالمي في
المؤشر
السابق (GTI-2020) |
العراق |
2 |
8.511 |
2 |
سوريا |
5 |
8.250 |
4 |
اليمن |
21 |
5.870 |
6 |
ليبيا |
26 |
5.100 |
16 |
إيران |
27 |
5.015 |
46 |
إسرائيل |
30 |
4.778 |
40 |
فلسطين |
32 |
4.736 |
31 |
تونس |
38 |
4.447 |
49 |
الجزائر |
39 |
4.432 |
65 |
لبنان |
51 |
3.566 |
51 |
السعودية |
54 |
3.110 |
32 |
الأردن |
58 |
2.594 |
57 |
البحرين |
65 |
2.145 |
71 |
المغرب |
76 |
1.156 |
102 |
السودان |
86 |
0.291 |
26 |
الكويت |
93 |
0.000 |
81 |
عُمان |
93 |
0.000 |
135 |
قطر |
93 |
0.000 |
133 |
الإمارات |
93 |
0.000 |
135 |
*الجدول من تصميم الباحث اعتماداً على تقريري مؤشر الإرهاب العالمي لعامي 2022 و2020.
التكتيكات والمستهدَفون
يُمكن تناول اتجاهات الاستهداف والتكتيكات المستخدمة في العمليات الإرهابية حسب المناطق والتنظيمات، على النحو التالي:
1- شيوع استخدام الأسلحة النارية والمتفجرات في الهجمات: مع وجود اختلافات مناطقية في تكتيكات العمليات الإرهابية، فإن التقرير يُشير إلى أن السلاح المستخدم في غالبية الهجمات بمعظم المناطق كان الأسلحة النارية ثم المتفجرات، فقد كانت الهجمات باستخدام الأسلحة النارية في أمريكا الشمالية هي التكتيكات الأكثر شيوعاً، وشكلت أكثر من 80% من جميع الهجمات. وسجلت أمريكا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي أعلى نسبة من الهجمات بالأسلحة النارية بقرابة 85% من جميع الهجمات. فيما لا تزال التفجيرات هي التكتيكات الأكثر شيوعاً في الشرق الأوسط، حيث شكلت أكثر من 70% من جميع الهجمات منذ عام 2007. وسجلت جنوب آسيا أكبر عدد من الهجمات التفجيرية في عام 2021 مقارنةً بأي منطقة في العالم، بنسبة 67%، عبر 796 هجوماً.
2- استمرار تفضيل “داعش” لتكتيك الهجوم المسلح: لا تزال الهجمات المسلحة هي التكتيك المفضل لتنظيم “داعش” للعام الثالث على التوالي، تليها التفجيرات. فقد نفذ التنظيم العام الماضي 479 هجوماً مسلحاً مقارنة بـ 414 في عام 2020، ومع ذلك انخفضت وفيات هذه الهجمات بنسبة 12%. وعلى العكس من ذلك، فإن انخفاض الهجمات التفجيرية من 271 إلى 240 هجوماً، لازمه ارتفاع في الإصابات بنحو 50%. وكذلك فيما يتعلق بالعمليات الانتحارية التي انخفض عددها من 18 إلى 16، مقابل تضاعف عدد ضحاياها. وعلى صعيد الأهداف لا تزال الجيوش الهدف الرئيسي لهجمات “داعش” بنسبة 41% من جميع هجمات التنظيم لعام 2021، في الوقت الذي كان فيه المدنيون هم النسبة الأكبر بين الضحايا، حيث بلغ عدد القتلى المدنيين 971 في عام 2021، بزيادة قدرها 36% عن عام 2020.
3- تفضيل “طالبان” للتفجيرات رغم تأثير الهجمات المسلحة: ركزت حركة طالبان في عام 2021 على استهداف المدنيين الذين شكلوا 47% من هجماتها و64% من ضحاياها. رغم انخفاض تلك الهجمات بنسبة 31% مقارنة بعام 2020. ولا تزال المتفجرات هي السلاح المفضل لدى طالبان، حيث استخدمتها في 72% من جميع هجماتها عام 2021. ومع ذلك، كانت الهجمات المسلحة لطالبان أكثر فتكاً من التفجيرات، حيث بلغ متوسط عدد الوفيات 3.5 لكل هجوم مسلح، مقارنةً بواحد لكل هجوم تفجيري. كما انخفضت التفجيرات الانتحارية بشكل ملحوظ، حيث تم تسجيل هجوم واحد فقط في عام 2021 ودون وقوع إصابات، مقارنة بعشرة تفجيرات انتحارية أسفرت عن 55 حالة وفاة في عام 2020.
4- تزايد ملحوظ في استهداف “نصرة الإسلام والمسلمين” للمدنيين: يُشير التقرير إلى أن أكثر من نصف هجمات جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في عام 2021 كانت هجمات مسلحة، وأدت إلى مقتل 341 شخصاً، بنسبة تفوق 97% من وفيات هجمات الجماعة خلال العام. وعلى الرغم من تنفيذ 26 تفجيراً فقد أسفرت عن 7 ضحايا فقط، بانخفاض قدره 46% عن ضحايا تفجيرات الجماعة عام 2020. وفيما تعتبر الشخصيات العسكرية والسياسية أهدافاً معتادة للجماعة، فإن ثمة تغيراً رصده التقرير خلال عام 2021 يتعلق بزيادة استهداف المدنيين، حيث نفذت 29 هجوماً عسكرياً مقابل 24 هجوماً مدنياً، مما يمثل زيادة في عدد الهجمات على المدنيين في عام 2021 بثمانية أضعاف عن عام 2020، بالتوازي مع زيادة معدلات الفتك مما تسبب في زيادة وفيات المدنيين بسبعة أضعاف إلى 173 حالة مقابل 23، مقابل انخفاض وفيات العسكريين بنسبة 62%.
5- تركيز “حركة الشباب” على استهداف القوات المسلحة: وجّهت حركة الشباب اهتمامها إلى استهداف العسكريين بالإضافة إلى المدنيين والمسؤولين الحكوميين. حيث شكّلت الوفيات العسكرية أكثر من نصف الوفيات الإرهابية المنسوبة للحركة، تليها وفيات المسؤولين الحكوميين بنسبة 13% والمدنيين بالنسبة نفسها. وبذلك انخفضت وفيات المدنيين المنسوبة إلى الحركة بنسبة 40٪ عن عام 2020. وأما على الجانب التكتيكي، اعتمدت حركة الشباب على التفجيرات والهجمات المسلحة بشكل رئيسي. حيث كان قرابة 68% من الوفيات المنسوبة إلى الحركة في عام 2021 بسبب التفجيرات، مقابل 31% بسبب الهجمات المسلحة.
6- اختلاف الأسلحة المستخدمة في هجمات الإرهاب اليميني واليساري بالغرب: تختلف الأسلحة المستخدمة في هجمات الإرهاب ذي الدوافع السياسية في الغرب. ولكن يشير التقرير إلى أن أكثر من 80% من الهجمات الإرهابية اليسارية تعتمد على أجهزة حارقة وقنابل وأجهزة متفجرة أخرى. في حين أن الهجمات اليمينية الإرهابية تستخدم المتفجرات بنسبة 40% فقط. ويتوقع التقرير استخدام مجموعة واسعة من الأسلحة، بما في ذلك الأسلحة النارية والسكاكين.
7- اتفاق تيارَيْ الإرهاب الغربي على استهداف المؤسسات الحكومية والشخصيات السياسية: تستهدف هجمات الإرهاب اليميني المؤسسات الدينية والممتلكات الخاصة والأقليات العرقية أكثر من اليسار الذي يركز على الشركات والشرطة والسجون. ومع ذلك، يشير التقرير إلى وجود تداخل في الأهداف المختارة لهجمات التيارين، حيث تمثل المؤسسات الحكومية والشخصيات السياسية 17% من هجماتهم.
وختاماً، لفت التقرير إلى أن 52% فقط من العمليات الإرهابية التي شهدها العالم خلال عام 2021، هي التي نُسبَت إلى جماعة محددة. كما شكلت 10 دول فقط 85% من جميع الوفيات الناجمة عن الإرهاب خلال العام. وأرجع التقرير انخفاض وفيات العمليات الإرهابية في العالم بشكل أساسي إلى انخفاض حدة الصراع في الشرق الأوسط، وما تلاه من تراجع لتنظيم “داعش” في العراق وسوريا.