مواجهة التهديدات:
كيف تعامل قانون تفويض الدفاع السنوي الأمريكي مع قضايا المنطقة؟

مواجهة التهديدات:

كيف تعامل قانون تفويض الدفاع السنوي الأمريكي مع قضايا المنطقة؟



وقّع الرئيس الأمريكي جو بايدن، في ٢٢ ديسمبر الجاري، على مشروع قانون تفويض الدفاع السنوي لعام 2024، الذي مرره مجلس الشيوخ بأغلبية قوية من الحزبين، ٨٧ صوتاً مقابل ١٣ صوتاً، ومجلس النواب بأغلبية ٣١٠ أصوات مقابل ١١٨ معارضاً له، ليصبح قانون (H.R. 2670) بمستوى إنفاق عسكري قياسي بلغ ٨٨٦ مليار دولار.

وتضمن القانون أهم أولويات الأمن القومي للولايات المتحدة، بما في ذلك المنافسة الاستراتيجية مع الصين وروسيا، وتحديث السفن والطائرات والمركبات القتالية الأمريكية، وتحسين حياة أفراد وعائلات الجنود الأمريكيين، والمساعدات العسكرية الأمريكية للشركاء والحلفاء حول العالم. ويوفر القانون- بحسب بيان للرئيس بايدن- السلطات الحاسمة التي تحتاجها الولايات المتحدة لبناء الجيش المطلوب لردع النزاعات المستقبلية.

ملفات رئيسية

تضمّن قانون تفويض الدفاع السنوي للسنة المالية ٢٠٢٤ عدداً من المواد التي تناقش الأهداف والمصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، والتي تكشف عن توجهات السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية وأولوياتها في المنطقة خلال العام القادم، والتي تمثل أبرزها فيما يلي:

1-مراقبة الدور الصيني في المنطقة: وذلكمع تزايد الدور الصيني في الشرق الأوسط خلال عام ٢٠٢٣، من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية مع دول المنطقة، وممارسة دور فاعل في تسوية بعض النزاعات الإقليمية، حيث ساعدت الصين في التوصل لاتفاق أعاد العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران في 10 مارس الماضي.

ويتطلب القانون من مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية تقديم تقييم استخباراتي للجان الكونجرس المعنية في موعد لا يتجاوز ٩٠ يوماً من تاريخ إقراره حول الجهود التي تبذلها بكين من خلال وسائل علنية أو سرية لزيادة تأثيرها في الشرق الأوسط، والتي من شأنها الإضرار بالمصالح والأمن القومي الأمريكي في المنطقة من خلال إضعاف دور الولايات المتحدة ونفوذها وعلاقاتها بدول المنطقة.

ويتطلب التقييم الاستخباراتي متابعة مستوى العلاقات بين الصين وإيران، ولا سيما في مجالات التعاون الأمني، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتحديد الدول التي أنشأت فيها الصين، أو تسعى إلى إنشاء، وجود عسكري، أو استخباراتي، أو شراكات عسكرية، أو استخباراتية، والاستثمارات الصينية في البنية التحتية بالشرق الأوسط.

2- تعزيز الأمن البحري في الشرق الأوسط: نص القانون على سعى وزير الدفاع الأمريكي بالتنسيق مع وزير الخارجية لصياغة استراتيجية للتعاون الأمريكي مع الحلفاء في منطقة الشرق الأوسط لتعزيز الأمن البحري ضد التهديدات التي تفرضها إيران أو وكلاؤها من خلال الأنظمة البحرية المأهولة وغير المأهولة والصواريخ المضادة للسفن، وتهديدات المنظمات الإرهابية، والشبكات الإجرامية، وأنشطة القرصنة التي تهدد الملاحة في الممرات المائية في الشرق الأوسط، التي تدخل ضمن مسئوليات القيادة المركزية للقوات البحرية للولايات المتحدة.

ويدعو القانون إلى تقييم الشراكات البحرية المتعددة الأطراف الحالية التي تقودها حالياً القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية، بما في ذلك القوات البحرية المشتركة، وفرق العمل المرتبطة، وهيكل الأمن البحري الدولي، وفرقة العمل البحرية ٥٩، ومناقشة دور هذه الشراكات في بناء قدرة أمنية بحرية متكاملة، واستعراض الجهود المبذولة بين دول الشرق الأوسط لتنسيق القدرات والتحذيرات الاستخباراتية والاستطلاع والمراقبة فيما يتعلق بتهديدات الملاحة الدولية، وتحديد أي عائق أمام تحسين هذه الجهود، وأنظمة وزارة الدفاع الحالية التي توفر رصد هذه التهديدات، ومواجهتها، ومعالجة الثغرات الحالية في القدرات بالتنسيق مع الدول الحليفة والشريكة للولايات المتحدة في المنطقة.

3-وضع استراتيجية للتعامل مع محتجزي “داعش”: يطلب القانون من الإدارة الأمريكية تقديم استراتيجية مشتركة بين الوكالات الأمريكية للتعامل مع معتقلي تنظيم “داعش” الذين تحتجزهم مليشيا “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، والعناصر المرتبطة بالتنظيم والمتواجدة داخل مخيمات النازحين في سوريا، لكونهم يمثلون تحدياً إنسانياً كبيراً ومتزايداً، وتهديداً أمنياً للمنطقة.

ويدعو القانون إلى ضرورة عمل الولايات المتحدة بشكل وثيق مع الحلفاء والشركاء الدوليين لتسهيل جهود إعادتهم إلى أوطانهم، وإعادة الإدماج؛ لتوفير حل طويل الأمد لهذه المخيمات، ومنع عودة ظهور “داعش” مجدداً، لأنه إذا تركت هذه المخيمات دون معالجة فإنها ستظل تشكل دوافع لعدم الاستقرار، مما يعرّض للخطر آفاق السلام والاستقرار على المدى الطويل في المنطقة.

وستتضمن الاستراتيجية المقترحة الجهود المبذولة لتحسين الظروف الإنسانية في هذه المخيمات، وتقييم الاحتياجات الإنسانية والأمنية لها، ومرافق الاحتجاز، على أساس تحديد أولويات هذه المخيمات والمرافق الأكثر عرضة لخطر الأزمات الإنسانية، أو الهجمات الخارجية، أو العنف الداخلي، وتقييم مراكز إعادة التأهيل في شمال شرق سوريا، والجهود المبذولة لتحسين الظروف الإنسانية، ومنع التطرف بين الشباب والأطفال القصر.

4- تبني خطة عمل لتدريب القوات العراقية والكردية: يقضي القانون بأن يضع وزير الدفاع بالتشاور مع وزير الخارجية خطة عمل لتجهيز وتدريب قوات الأمن العراقية وقوات البيشمركة الكردية، بما في ذلك أنظمةُ الدفاع الجوي لمواجهة الهجمات والتهديدات بالقذائف والصواريخ والأنظمة غير المأهولة في موعد أقصاه الأول من فبراير القادم، وأن يقدم أيضاً في موعد أقصاه الأول من يوليو القادم إلى الكونجرس إحاطة حول التقدم المُحرز في جهود تجهيز الدفاع الجوي، والتدريب ضد التهديد الجوي والصاروخي للعراق، بما في ذلك في إقليم كردستان.

5- إعداد تقرير عن القوة العسكرية الإيرانية: يدعو القانون إلى تقديم تقرير يقيم القدرات العسكرية الإيرانية، والتهديد الذي تشكله إيران للولايات المتحدة وقواعدها العسكرية في المنطقة، والتنظيمات التي تدعمها إيران والتي صنفتها الولايات المتحدة كمنظمات إرهابية أجنبية، بما في ذلك حزب الله والمليشيات الشيعية العراقية، ولا سيما تلك التي تم تقييمها على أنها مستعدة لتنفيذ عمليات “إرهابية” نيابة عن إيران.

6- حظر استفادة إيران و”طالبان” من المخصصات المالية بالقانون: يحظر القانون وصول إيران أو وكلائها والأفراد المرتبطين بها بشكل رسمي أو غير رسمي وكذلك حركة “طالبان” الأفغانية للمخصصات المالية التي تم تحديدها بموجب هذا القانون لوزارة الدفاع الأمريكية بشكل مباشر أو غير مباشر. وكذلك يحظر على وزارة الدفاع تشغيل أي طائرة تابعة لها لنقل العملات أو غيرها من المواد ذات القيمة إلى “طالبان” أو أي شركة تابعة أو وكيل تابع لها.

ويحظر القانون إتاحة أي من المخصصات المالية بالقانون لوزارة الدفاع لتقديم أي شكل من أشكال المساعدات الأمريكية إلى حركة “طالبان” أو إلى أي فرع تابع لها، إلا في حالة تقديم وزير الدفاع إلى لجان الدفاع في الكونجرس شهادة خطية غير سرية، والتي قد تتضمن ملحقاً سرياً، بأن هذا الحظر سيكون ضاراً بمصالح الأمن القومي للولايات المتحدة أو يهدد صحة وسلامة الشعب الأفغاني، وذلك على أساس كل حالة على حدة.

اهتمام لافت

ركز قانون تفويض الدفاع السنوي للسنة المالية ٢٠٢٤ في الأجزاء المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط على التعامل مع التحديات والتهديدات التي واجهتها الولايات المتحدة خلال عام ٢٠٢٣، حيث أولى أهمية لبحث وتقييم الدور الصيني المتزايد في المنطقة، والذي يشكل تحدياً جيواستراتيجياً للولايات المتحدة، ولا سيما بعد تحول الشرق الأوسط إلى ساحة جديدة للمنافسة المحتدمة بين واشنطن وبكين، والنجاحات التي حققتها الأخيرة في تعزيز نفوذها ودورها خلال العام الجاري مع عديدٍ من الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة.

ولم يكن هناك تركيز بصورة كبيرة على الدور الأمريكي في محاربة التنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط، ولا سيما بعد خفوت التهديد الإرهابي في المنطقة، في مقابل تصاعد التركيز على الدور الإيراني والذي تنظر إليه الولايات المتحدة على أنه يمثل تهديداً للمصالح الأمريكية، ولا سيما بعد تزايد استهداف وكلائها للقواعد العسكرية الأمريكية في العراق وسوريا، والتهديدات الإيرانية أو من خلال مليشيا الحوثي للملاحة الدولية في الممرات المائية الحيوية في المنطقة.