قمة الجزائر فى ميزان الوقت – الحائط العربي
قمة الجزائر فى ميزان الوقت

قمة الجزائر فى ميزان الوقت



اختُتمت القمة العربية الحادية والثلاثون، التى انعقدت فى الجزائر، ورفعت شعار «لم الشمل العربى» ، وقد أدلى القادة والرؤساء والزعماء العرب والممثلون عنهم بكلمات حماسية جسدت الرغبة فى تحقيق ما تطمح إليه الشعوب العربية، ولو على سبيل التمنى.

ولكن، ومثلما نتساءل بعد كل قمة عربية: هل حققت القمة ما كانت تستهدفه فعلًا؟ هل كانت التوصيات على قدر الأمنيات؟ ثم ما الطريقة التى تُقاس بها عملية تفعيل التوصيات بالأساس؟

أعتقد أن تلك التساؤلات صارت لصيقة بكل قمة، ولكن اسمحوا لى بعد قمة الجزائر تحديدًا ألا أتساءل، وألا أدعم من يسأل، وألا أندهش من خروج القمة من دون تحقيق أهداف.

على الورق وأمام وسائل الإعلام، ناقشت القمة الكثير من الملفات المفتوحة على مصراعيها فى الساحة العربية، على سبيل المثال.. ناقشت المسألة الليبية ومخاطر الانقسامات التى تضربها من كل اتجاه، ناقشت كذلك أزمة التدخلات الإيرانية فى قلب الوطن العربى، والتحالفات التركية التى تحيد أحيانًا عن المسار الآمن، ناقشت أيضًا السبل المقترحة لمواجهة الإرهاب الذى يهدد استقرار المنطقة، بل يهدد استقرار العالم كله.

أزمة سد النهضة كانت ضمن الملفات العاجلة التى وُضعت على مائدة القمة، بسبب حيوية الملف لدولتين من أعضاء الجامعة العربية، الرغبة العامة فى تحقيق الاستقرار بداخل الحكومات العربية، لاسيما أنها تشهد الآن حالة من الارتباك والتخبط، يجعلها تتأخر فى تلبية مطالب شعوبها، كانت من ضمن الأهداف التى وضعها وزراء الخارجية العرب فى اجتماعاتهم التحضيرية، ولكن يبقى السؤال هنا: ما الذى ستضيفه القمة إلى كل هذه الملفات المفتوحة، والتى فشلت قمم واجتماعات فى وضع حلول لها؟

أقول، وبنفس راضية، إن انعقاد القمة بعد سنوات جائحة الكوفيد وفترة الإغلاق الكبرى، والتى أعقبتها توترات تسود العالم بسبب تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية، وانعكاساتها على منطقة الشرق الأوسط اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا فى حد ذاته يعطينا أملًا كبيرًا فى إيجاد رغبة حقيقية فى تنفيذ التوصيات والبناء عليها فى تدشين موقف عربى قوى تجاه الأزمات التى تحيط بنا.

أقول إن انعقاد القمة وسط غياب كثير من القادة الخليجيين فرصة ضائعة لهم، لمناقشة تداعيات أزمة الطاقة العالمية، ومن ثم اكتساب رأى عام عربى قوى يدعم الموقف الخليجى تجاه التهديدات التى أطلقها البيت الأبيض منذ فترة قصيرة.

أرى كذلك أن مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى مهمة للغاية، وذلك لعدة أسباب، أولها استعداد مصر لاستضافة قمة المناخ «cop 27» بعد أيام قليلة، وطرح قضية التغيرات المناخية على مائدة النقاش فى القمة العربية.

كما أرى أن حضور الرئيس السيسى إلى جوار الرئيس الجزائرى والقادة الذين حضروا، يشكل نواة توجه سياسى صاحب رأى وموقف مختلف عن تيار الانحياز والتحزب التى بات يملأ العالم الآن.

لا أشك للحظة أن قمة الجزائر حتى وإن بدا مستوى التمثيل فيها من بعض الدول أقل من المتوقع، إلا أنها ستخلق روحًا مختلفة فى العمل العربى العام، وستُؤسس لعهد جديد من الوحدة، وحدة الموقف والتوجه والمصير.

نقلا عن المصري اليوم