خطر ما فى خطة نتنياهو التى أطلقها الأسبوع الماضى أنه ألغى التمثيل الفلسطينى وشطب على حماس والسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، واعتبر أن إسرائيل هى التى ستحكم قطاع غزة عسكريًا وأمنيًا، وستُعين الفلسطينيين الذين يديرون شؤونه المدنية.
والحقيقة أن رفض الخطة أو اعتبارها غير قابلة للتحقيق لا يكفى، إنما يجب أن تُطرح أفكار بديلة قابلة للتحقيق حول ما عُرف باليوم التالى للحرب، أى من سيدير أو من سيحكم وكيف يمكن العمل للوصول لحل الدولتين.
صحيح أن قضية اليوم التالى مرتبطة بنتائج المواجهات الجارية حاليًا فى قطاع غزة، وأن نجاح إسرائيل فى إنهاء الوجود العسكرى لحماس من غزة وإخراج قادة الصف الأول من القطاع، وعلى رأسهم السنوار، أو تصفيتهم كما ترغب، سيجعلها صاحبة القرار الأساسى فى اليوم التالى لانتهاء الحرب، أما إذا لم تحقق أهدافها فإنها ستكون بلاشك أضعفت الحركة عسكريًا ولكنها لم تقض عليها أو كما قال «جوزيب بوريل» لن تستطيع إزالتها لأنها «فكرة» وأيديولوجيا والمطلوب إعادة طرحها بشكل أفضل.
والحقيقة أن سؤال صيغة أو مستقبل حماس عبر عنها كثير من السياسيين والخبراء، وهناك من سار فى ركب الرواية الإسرائيلية واعتبر أن القضاء عليها هو الحل وكأنها نبت شيطانى، وهناك من تأكد بالعلم والخبرات التاريخية قبل الموقف السياسى أنه لا يمكن القضاء على حركة مقاومة طالما بقى هناك احتلال، وبالتالى تحت كل السيناريوهات ستبقى حماس موجودة فى اليوم التالى حتى لو لم تشارك فى أى مفاوضات مباشرة مع دولة الاحتلال.
والمؤكد أن معادلة حماس غير معتادة فى تجارب التحرر الوطنى فى العالم كله، فحتى لو كان المحتل يرفضها ويعتبرها حركة إرهابية فإنه فى لحظة معينة يضطر أن يتفاوض معها، لأنه يعلم أنه السبيل الوحيد لإنهاء الحرب والاحتلال، وهو أمر لم تحصل عليه حماس رغم بعض الإرهاصات التى يرددها بحذر شديد بعض قادة الاتحاد الأوربى والتى لا تتجاوز التأكيد على أنها فكرة وأيديولوجيا وليست مجرد جماعة إرهابية كما يرى الإسرائيليون والأمريكيون.
ومن هنا فإن تجاهل حماس دوليًا وإسرائيليًا سيظل معنا حتى اليوم التالى، ولكن استمرارها سيظل معنا أيضًا بعد اليوم التالى، وإن شكل حماس أو مستقبلها ستحدده قدرة المجتمع الدولى عقب توقف الحرب على تطبيق قرارات الشرعية الدولية المهدرة منذ أكثر من نصف قرن، ويفرض على إسرائيل الانسحاب من الأراضى المحتلة عقب حرب 67 وإقامة الدولة الفلسطينية.
الدولة الفلسطينية المستقلة ستعنى نهاية حماس العسكرية وبقاء أو إعادة إنتاج حماس السياسية، مما يعنى أن التحدى الأساسى هو بناء الدولة وليس القضاء على حماس، فيقينًا هذه الدولة ستضم فى داخلها متشددين ومعتدلين ويسارًا ويمينًا مثل كل بلاد العالم إلا ربما إسرائيل الحالية التى تضم أساسًا متطرفين وأكثر تطرفًا.
نقلا عن المصري اليوم