زخم بكين يعيد سوريا إلى العرب – الحائط العربي
زخم بكين يعيد سوريا إلى العرب

زخم بكين يعيد سوريا إلى العرب



ستشكل دعوة السعودية سوريا إلى القمة العربية المقبلة في الرياض في 19 أيار (مايو)، نقطة تحول في سياسات المنطقة، وتعيد ترتيب أوراق الشرق الأوسط بعد عقدٍ من الاضطرابات والتوترات التي باعدت بين سوريا والدول العربية.

عودة سوريا إلى الجامعة العربية، رغم رمزيتها، تعزز مناخات المصالحة وتهيئ الفرص لمقاربة جديدة حيال الأزمة السورية. القطيعة خسر فيها الجانبان، العرب وسوريا. فضلاً عن أن التوافقات الجارية في المنطقة، لن يُكتب لها النجاح إذا ما بقيت سوريا غارقة في عزلتها.

أميركا يمكنها أن تتحمل إطالة أمد الأزمة السورية إلى ما لا نهاية. لكن سوريا والدول العربية هي التي تدفع ثمن الأزمة على مستويات مختلفة. أميركا لا تملك سوى نظام العقوبات الذي يؤذي السوريين العاديين ولا يؤثر في المسؤولين الذين تستهدفهم العقوبات.

أميركا تستخدم سوريا رافعة لها في الضغط على إيران والعكس صحيح. سوريا تحولت ساحة لتبادل الرسائل الأميركية والإيرانية. وعندما تراجع دور العراق كساحة لتبادل الضغوط بين أميركا وإيران، انتقلت رحى “المواجهة” الأميركية – الإيرانية إلى سوريا.
وأميركا لا تستعمل سوريا للضغط على إيران فحسب، بل للضغط على روسيا ومنعها من إحراز أي تقدم في ما تسعى إليه من تطبيع بين دمشق والدول العربية، وبين دمشق وتركيا.

تستعمل أميركا سوريا كوظيفة في حشد أوراق الضغط على روسيا وإيران، من دون كبير اكتراث بالدفع في تسوية واقعية لحرب طالت أكثر من اللازم، وألحقت ضرراً كبيراً بالدول المجاورة، لبنان والأردن وتركيا والعراق. وليس ثمة حاجة إلى التذكير بأن تنظيم “داعش” انطلق من الفوضى التي عمت سوريا عام 2014.

النهج الذي كان قائماً في التعامل مع سوريا حتى عام 2018 عندما بدأت دول عربية بالانفتاح على دمشق، وصل إلى طريق مسدود. لكن الضغط الأميركي أخّر عملية التطبيع التي كان يمكن أن تساهم في اجتراح حلول للأزمة أكثر من البقاء بعيداً والاكتفاء بترداد شعارات لم تعد واقعية.

كان الاعتراض العربي الأساسي على دمشق هو النفوذ الإيراني الواسع في سوريا في سنوات الحرب. هذا الاعتراض فقد الكثير من مبرراته منذ اتفاق بكين بين السعودية وإيران الذي نص على معاودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وفتح صفحة إقليمية جديدة. وبالتأكيد وضع اتفاق بكين وما تلاه من اتصالات بين وزيري الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان والإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الأساس لفتح صفحة جديدة في الشرق الأوسط. وتالياً، انتفت أسباب كثيرة كانت تثير تحفظات في أكثر من عاصمة عربية حيال اعتماد مقاربة جديدة في معالجة الأزمة السورية.

وبينما الشرق الأوسط برمته يطل على مشهد جيوسياسي جديد، لم تعد الولايات المتحدة هي القوة الوحيدة التي تستأثر بالقرار فيه، وباتت الصين قوة منافسة بالاقتصاد والسياسة، من الطبيعي أن يترافق ذلك مع تحولات إقليمية أيضاً. وقد يكون لمبادرة الأردن القائمة على خطوة مقابل خطوة، بداية الانخراط في معادلة جديدة لحل الأزمة السورية. ومثلاً كيف يمكن تأمين عودة اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان من دون الانخراط في حوار مباشر مع دمشق؟ وكان المحرك الرئيسي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإعلان عزمه على المصالحة مع دمشق، هو البحث في كيفية عودة اللاجئين السوريين من تركيا.

لا بد أن مفاعيل اتفاق بكين لا تزال تتمدد ويظهر أثرها في غير موقع من مواقع الشرق الأوسط. وتحقيق اختراق على الجبهة السورية، لا يقل أبداً عن المساعي الحثيثة لإيجاد حلٍ سياسي في اليمن.

نقلا عن النهار العربي