تصعيد «الخاسرين» في العراق – الحائط العربي
تصعيد «الخاسرين» في العراق

تصعيد «الخاسرين» في العراق



على أبواب «المنطقة الخضراء» وسط العاصمة العراقية بغداد، كانت تدور منذ نحو أسبوعين معركة اختبار للقوة بين القوى «الخاسرة» في انتخابات أكتوبر الماضي والدولة العراقية لا تقل أهمية عن المعركة السياسية الجارية في عموم العراق، لتكريس نتائج الانتخابات وبلورة تحالفات جديدة تقود إلى تشكيل الحكومة المقبلة.

 المعركة بدأت، في الحقيقة، منذ لحظة إعلان النتائج الأولية التي جاءت صادمة للقوى المعترضة أو «الخاسرة» في هذه الانتخابات ممثلة في فصائل «الحشد الشعبي» المدعومة من إيران، وإن كان قد تم إدخالها ضمن المؤسسة العسكرية الرسمية، اعتقاداً منها بأن النتائج التي حصل عليها تحالف «الفتح» ممثل هذه الفصائل، وهي 15 مقعداً بعد أن كان قد حصل على 48 في الانتخابات الماضية وحل في المرتبة الثانية لا تتوافق مع حجم التأييد الشعبي، وبالتالي فقد لجأت هذه القوى إلى تبرير تراجعها بالحديث عن تزوير وسرقة الانتخابات، من دون تقديم أدلة حقيقية، على الرغم من تقديم مئات الطعون إلى المفوضية العليا للانتخابات. 

 ومع إعادة عمليات الفرز والعد اليدوي في المحافظات التي يوجد طعون فيها، جاءت معظم النتائج مطابقة للنتائج الأولية المعلنة، وهو ما أثار حفيظة القوى «الخاسرة» ودفعها لإطلاق التهديدات وتوجيه الاتهامات للمفوضية ذاتها بأنها فاقدة للشرعية، وتصوير ما يجري على أنه مؤامرة تستهدف هذه القوى. على هذه الخلفية كانت القوى «الخاسرة» تحشد أنصارها، منذ أكثر من أسبوعين، على أبواب «المنطقة الخضراء» وتلوح باقتحامها في عملية تصعيد متعمد على أمل الضغط على المفوضية والدولة العراقية بتغيير النتائج أو إلغاء الانتخابات الأخيرة بمجملها، بينما كانت القوات الأمنية، بالمقابل تعزز حضورها لمنع اقتحام تلك المنطقة، قبل أن ينفجر الوضع ويتحول إلى مواجهات دامية تنذر بعواقب وخيمة على مجمل الساحة العراقية. 

 خطورة هذه المواجهات التي أتت بعد توجيه إنذار شديد اللهجة لمفوضية الانتخابات، ومنحها «فرصة الجمعة الأخيرة»، أنها تستبدل العنف بالتظاهر السلمي، وأنها مرشحة للامتداد إلى باقي محافظات الوسط والجنوب، خصوصاً أنها تنحصر داخل «البيت الشيعي»، لكن هنا بالذات يكمن مصدر الخطورة؛ إذ إن المواجهات لن تبقى محصورة داخل البيت الواحد، من جهة، ومن جهة أخرى، فهي تستهدف عرقلة أي خطوات تتعلق بالمرحلة المقبلة، خصوصاً أنها تتزامن مع تحرك التيار الصدري باعتباره الفائز الأول في الانتخابات لإنضاج معالم هذه المرحلة، عبر بلورة تحالفات جديدة، وفي مقدمتها المكونين السني والكردي؛ حيث تجري اللقاءات والمفاوضات مع زعيم تحالف «تقدم» محمد الحلبوسي، وقيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود برزاني.

 أياً تكن الأمور، فقد بات من الواضح أنه لا يمكن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وإذا كان استبدال التظاهر السلمي بالتصعيد المتعمد والعنف سبيلاً لتغيير النتائج أو العرقلة، فإن من الخطورة بمكان أن يتحول الصراع السياسي داخل البيت الواحد إلى «حرب أهلية» لن يكون فيها أي رابح على الإطلاق، وإنما الجميع خاسر داخل البيت نفسه، والشعب العراقي عموماً بكل مكوناته وتلاوينه.

نقلا عن الخليج