تسوية ملفات:
دوافع التحول الجاري في العلاقات العربية الإيرانية

تسوية ملفات:

دوافع التحول الجاري في العلاقات العربية الإيرانية



منذ أن تولّت حكومة المحافظين مهام عملها في إيران أواخر عام 2021، بدأت بعض ملامح السياسة الخارجية الإيرانية في التحول بشكل تدريجي. ويأتي من بين أبرز هذه الملامح التغير الذي يلحق في الوقت الراهن بالعلاقات الإيرانية – العربية، خاصة منذ توقيع المملكة العربية السعودية وإيران في 10 مارس 2023 اتفاقاً لعودة العلاقات الدبلوماسية. وفي الواقع، تنبع هذه الانفراجة الإيرانية في العلاقات مع الدول العربية من محفزات عدة لعل من بينها ما يتعلق بنهج الانفتاح الإيراني على دول الجوار بشكل عام وما يخص الوضع الاقتصادي الداخلي في إيران.

وفي هذا الإطار، ربط أستاذ الدراسات الإيرانية في جامعة الأزهر سابقاً، الدكتور سيد فؤاد، أسباب التحول في السياسة الخارجية الإيرانية إزاء الدول العربية مؤخراً بمحاولة إيران “التأقلم” مع الظروف الخارجية الإقليمية والدولية الطارئة، وتوجهها للتعامل مع معطيات الوضع القائم في السياسات الدولية المتعلقة بالشرق الأوسط، خاصة ما يمكن الإشارة إليه من انشغال أو خروج أمريكي تدريجي من الشرق الأوسط. كما يضيف أستاذ الدراسات الإيرانية أن توجه طهران نحو الدول العربية ينبع من رغبتها في “تخفيف التوترات المحلية والضغوط التي تقابلها حكومةُ الرئيس إبراهيم رئيسي، وبوجه خاص على النواحي الاقتصادية”، حيث تسعى عبر هذه العلاقات إلى رفع مستوى التبادل التجاري، وتوسيع نطاق التعاون الاقتصادي مع العديد من الدول العربية.

ولفت الدكتور سيد فؤاد إلى أن رغبة إيران في التوصل إلى اتفاق نووي “مستدام” قد دفعها أيضاً إلى التقارب مع الدول العربية؛ حيث يشير إلى أن طهران ترغب في “ألا تكون التوترات الإقليمية سبباً آخر لخروج أي طرف في الاتفاق النووي منه مرة أخرى كما حدث قبل 5 أعوام في مايو 2018 مع الولايات المتحدة الأمريكية”.

وتابع أستاذ الدراسات الإيرانية في جامعة الأزهر سابقاً قائلاً، إن الدوافع السعودية متعددة أيضاً فيما يخص استعادة العلاقات مع إيران، موضحاً أن من بينها سعيها لحلحلة بعض الملفات الإقليمية وعلى رأسها القضية اليمنية والأنشطة العسكرية الإيرانية التي يقوم بها الحرس الثوري الإيراني في إقليم الشرق الأوسط، والتي تطرق الدكتور سيد فؤاد إلى أنها تستحوذ على اهتمام جميع الدول التي تريد وضع حدٍّ لها.

وحول الاتفاق السعودي – الإيراني الذي تم التوصل إليه يوم 10 مارس 2023 في العاصمة بكين بين الرياض وطهران، يوضح أستاذ الدراسات الإيرانية في جامعة الأزهر سابقاً أنه كان للصين دور محوري في هذا الاتفاق، حيث إنه يعزز دورها في تفاعلات الشرق الأوسط، مضيفاً أن هذا الأمر “يُقلق الأمريكيين”.

وفي السياق ذاته، أكد الدكتور سيد فؤاد على أن التقارب بين إيران والدول العربية يواجَه بـ”حساسية” في إسرائيل، التي قال إنها تتابع عن كثب هذه التطورات المتلاحقة.

وحول مستقبل العلاقات السعودية – الإيرانية، يقول أستاذ الدراسات الإيرانية في جامعة الأزهر سابقاً، إنه طالما أن الطرفين يسعيان جدياً وبشكل حثيث لتطوير هذه العلاقات ودفعها قدماً نحو الأمام لأهداف عدة؛ فإن روابط البلدين يُتوقع أن تسير إلى المزيد من التعاون، ليس فقط في مجال واحد، بل على أصعدة عدة.

واختتم الدكتور سيد فؤاد بالإشارة إلى أنه من المرجح أن تحاول إيران تحقيق تقارب في العلاقات أيضاً مع دول عربية شرق أوسطية أخرى، مثل البحرين والمغرب ومصر، موضحاً أن دولاً مثل العراق يمكن أن تلعب دوراً في مثل هذه السيناريوهات.