العرب وواشنطن أو العكس – الحائط العربي
العرب وواشنطن أو العكس

العرب وواشنطن أو العكس



 يبدو أنني أمتحن صبر أحد الأصدقاء الأميركان إلى أقصى الحدود هذه الأيام، ربما نتيجة ما تكتنفه مواقف واشنطن من ضبابية، وقلق الإدارة (الديمقراطية) من نتائج الانتخابات النصفية للكونجرس وتزامن ذلك مع التصاعد في الأزمة الأوكرانية، وحالة التضخم التي يعاني منها الاقتصاد الأميركي، معطوفاً على كل ذلك تجاوز أسعار النفط لحاجز $80 وثباتها من دون التراجع عنه.

خلال جلسة افتراضية نظمت أخيراً من قبل مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والطاقة بعنوان: استراتيجية القوة الناعمة الألمانية في الشرق الأوسط حاضراً ومستقبلاً، استشهد السفير الألماني بتعريف غير مسبوق للدبلوماسية الناعمة (القوة الناعمة) للبروفيسور جوزيف ناي/ جامعة هارفارد «هي جعل الطرف الآخر يرغب في ما ترغب بدل إجباره (الزجر السياسي) على فعل ذلك».

الدبلوماسية الأميركية تعيش حالة تحد فريدة نتيجة ترحيل بعض الملفات (أفغانستان/ التعهدات بخفض الانبعاثات الكربونية/ إدارة جائحة كوفيد-19/ التعافي الاقتصادي/ إدارة واحتواء الأزمات الجديدة/ ملفات فيينا الإيرانية/ حالة الاستقطاب العرقي اجتماعياً)، لذلك تبدو حالة الإعياء ظاهرة في عموم الملفات الأميركية، وهنا نحن لا نتحدث عن القابلية Capacity بل فقد الإدارات لمستوى الدعم «أميركياً» لسياسات قد ينجم عنها تطور يحتم التحول من دبلوماسية احتوائية إلى أخرى صلبة (غليظة) تدخل عسكري أو ما يشابه ذلك.

يحضر الشرق الأوسط ضمن أولويات إدارة بايدن من خلال: مسارات فيينا/ أمن إسرائيل/ أمن الملاحة في مياه الخليج وبحر العرب والأحمر.

ويُسجل للبحرية الأميركية والدولية جهودها في محاربة القرصنة وضمان سلامة الملاحة في أعالي البحار (بحر العرب تحديداً)، ولا يخفى أحد السبب الرئيس لتلك الجهود، وهو خفض حدة التوتر (الممارسات والسلوك الإيراني). إلا أن أكثر الملفات التي شابها التعقيد في العلاقات الخليجية -الأميركية، هو بالتأكيد الملف اليمني لما له من تداخلات تتجاوز البعد السياسي والأمني.

ولنكن واضحين جداً: الولايات المتحدة وأوروبا لن تقبلا في هذا الملف تحديداً بأن يكونا بجانب طرف على حساب طرف آخر في نزاع ظاهره سياسي وباطنه طائفي (صراع سني شيعي من وجهة نظرهم أو في توظيف الموقف من خلال ذلك)، وهو في الواقع سوء تقدير استراتيجي من حلفاء المنطقة الكبار، معطوفاً عليه سوء إدارتنا للملف في بعده السياسي من منظور مستوجبات الأمن القومي الجمعي لعموم جغرافيتنا السياسية المتداخلة. وإن كان من الحكمة التشاور مع الحلفاء الكبار، إلا أن ذلك لا ينفي حقنا في اتخاذ ما نراه مناسباً من مصدر تهديد مباشر لأمننا القومي.

حسابات واشنطن الخاصة بتصنيف الحوثي تنظيماً إرهابياً من عدمه لم يوقفه من الاستمرار في استهداف مدن المملكة العربية السعودية، بل قاد عدم الحسم العسكري لأن يتطاول «الحوثي» على أمن الإمارات العربية المتحدة.

والرسالة الأخيرة: المجتمع الدولي يتوقع منا إدارة ملفاتنا من منظور ضمانات استقرار المنطقة ونموها، وعبثية «الحوثي» لم تعد مقبولة، ويجب أن يرفض إقحامه ضمن رؤية إيران الخاصة بالمنطقة (التوازن عبر الوصاية الشيعية)، لأن في ذلك تعدياً على سيادتنا الوطنية، وأن «الحوثي» قد استنفد كافة خياراته السياسية. لنغلق هذا الملف لمصلحة اليمن ومصالحنا المشتركة معه.

نقلا عن الاتحاد