الجامعة العربية والمنطقة الخالية من السلاح النووي – الحائط العربي
الجامعة العربية والمنطقة الخالية من السلاح النووي

الجامعة العربية والمنطقة الخالية من السلاح النووي



«لا ضاع حق وراؤه مطالب»، هكذا تؤمن الجامعة العربية وأمينها العام السيد أحمد أبوالغيط بحق العرب فى إنشاء منطقة خالية من السلاح النووى وأسلحة الدمار الشامل الأخرى فى الشرق الأوسط، إعمالا بقرار مؤتمر مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووى (NPT) المنعقد فى سنة 1995، والذى خرج كجزء من صفقة التمديد اللانهائى للمعاهدة، إذ كانت هذه المنطقة المنشودة مطلبا قاتلت الدبلوماسية المصرية والعربية ولا تزال لتحقيقه، لكن الذى حدث أن بعض الدول النووية الكبرى تماطل فى تنفيذ هذا القرار إلى اليوم، خصوصا الولايات المتحدة، حماية لبرنامج إسرائيل النووى، البعيد عن أى رقابة دولية باعتبارها دولة غير موقعة على هذه المعاهدة، وبالتالى لا تخضع لنظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فى حين وقع العرب بقضهم وقضيضهم على هذه المعاهدة، وصاروا خاضعين لرقابة صارمة من الوكالة، وبتوقيعهم جميعا فى ظل حيازة إسرائيل ترسانة نووية صار الأمن العربى والإقليمى مختلا.
منذ 31 يوليه الماضى ومن داخل مقر الأمم المتحدة فى فيينا أتابع بشغف أعمال الاجتماع الأول للجنة التحضيرية لمؤتمر الأطراف فى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية المقرر عقده فى 2026، وداخل أروقة هذا الاجتماع الذى سينتهى فى 11 أغسطس الحالى لا يحتاج المراقب لحركة ومواقف المجموعة العربية كمجموعة موحدة بما يصدر عنها من بيانات أو كدول منفردة، إلى وقت طويل كى يلحظ وجود جهد كبير تم بذله لتنسيق مواقف هذه الدول، وفى هذا بالضبط سألت عددا من السفراء العرب الذين يترأسون وفود بلادهم فى ذلك الاجتماع، فقالوا إن «هناك جهدا كبيرا بذلته الأمانة العامة للجامعة العربية، حتى نخرج بهذه الصورة من الإصرار العربى الجماعى على المطالبة بتنفيذ قرار إنشاء المنطقة الخالية من السلاح النووى وأسلحة الدمار الشامل الأخرى فى الشرق الأوسط.
وأشار السفراء العرب تحديدا إلى اجتماع استضافته الجامعة العربية فى مقرها بالقاهرة أوائل يونيو الماضى لـ«لجنة كبار المسئولين العرب المعنية بقضايا الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل»، وكان الهدف منه التحضير للمشاركة العربية فى الاجتماع الذى نتحدث عنه الآن، بجانب التحضير العربى لأعمال الدورة 67 للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الشهر المقبل فى فيينا.
قدمت المجموعة العربية التى يترأسها حاليا سفير الإمارات حمد الكعبى خمسة بيانات أمام الاجتماع المنعقد الآن فى فيينا، وذلك فى النقاش العام، وركائز معاهدة حظر الانتشار النووى الثلاث المتمثلة فى: نزع السلاح النووى، عدم الانتشار النووى، والاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، مع تشديد بيانات المجموعة على ضرورة اتخاذ خطوات عملية وتدابير فورية لإقامة المنطقة الخالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط، مع دعوة الدول الثلاثة الراعية للقرار الصادر عن مؤتمر ١٩٩٥ لمراجعة وتمديد معاهدة عدم الانتشار النووى (الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا) لتحمل مسئولياتها فى تنفيذ هذا القرار، مع التأكيد على تمسك المجموعة بنتائج ومخرجات المؤتمرات السابقة، وإدانة سلوك بعض الأطراف الدولية بامتناعها عن الضغط على إسرائيل، والمطالبة بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم ٤٨٧ لعام ١٩٨١، الذى يفرض على إسرائيل إخضاع جميع منشآتها النووية لنظام الضمانات الخاص بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، وانضمامها لمعاهدة عدم الانتشار النووى كدولة غير نووية، وتجديد أسف المجموعة لعدم انعقاد مؤتمر عام ٢٠١٢ لإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية.
الحق.. إن هذا جهد دبلوماسى محمود ومطلوب، فحتى لو كانت ثماره بعيدة نسبيا لاعتبارات مرتبطة بموازين القوى فى العالم، فلا ينبغى أن نتوقف عن المطالبة بحقنا فى المنطقة الخالية من السلاح النووى، خصوصا أن المجموعة العربية تمتلك القدرة على إفشال كل المؤتمرات متعددة الأطراف التى لا تحقق مطلبها العادل.
كانت كلمة مصر التى ألقاها السفير محمد الملا، مندوبنا الدائم لدى منظمات الأمم المتحدة فى فيينا، قوية، إذ حذر من أن «استمرارية ومصداقية منظومة عدم الانتشار النووى القائمة تتوقف على اتفاق الدول الأطراف على مبادئ واضحة وصريحة فى مقدمتها رفض المزاعم القائلة بأن امتلاك الأسلحة النووية يحقق الأمن أو يسهم فى تحقيق السلام»، وهو ما تدافع به إسرائيل دوما عن ترسانتها النووية.

نقلا عن الشروق