أخطاء الجميع ٢-٢ – الحائط العربي
أخطاء الجميع ٢-٢

أخطاء الجميع ٢-٢



أخطأ كثير من القوى السياسية في التعامل مع المرحلة الانتقالية، وأخطأ قادة المكون العسكرى بعزل عبدالله حمدوك وتأليب قطاع من الشعب السودانى على إداراتهم، وأصبحت البلاد طوال الفترة الماضية تعيش على حالة من عدم الثقة بين الجميع، فهناك الانقسام الذي ظل كامنًا بين الجيش والدعم السريع، وهناك الانقسام بين الفصائل المدنية، أي بين القوى الثورية والقوى التقليدية والمحافظة، وأيضا بين القوى الثورية والقوى «الأكثر ثورية» (تيار التغيير الجذرى).

والحقيقة أن هذه الأجواء استمرت طوال مرحلة انتقالية على مدار أربع سنوات، وطالب بمدها قوى التغيير المدنية تحت مبرر تفكيك النظام القديم أو البائد، فاكتشفنا أنها ففككت القوى السياسية وعمقت الخلاف بين العسكريين (الجيش والدعم السريع)، وفى نفس الوقت قوت المحسوبين على النظام القديم، حتى إن بعض الأطراف السياسية حملته مسؤولية الاشتباكات الحالية.

والمؤكد أن هذا المسار الانتقالى الذي مر بأزمات وانتكاسات واتفاقات لا تنفذ، وصل مؤخرا إلى توقيع جانب مؤثر من القوى المدنية والثورية على «اتفاق إطارى» مع المكون العسكرى، والذى خرجت منه ورش عمل كان منوطا بها الاتفاق على مسار دمج قوات الدعم السريع في الجيش السودانى.

وقد تفجر الخلاف بين الجانبين حين تمسك الجيش بأن يتم الدمج في خلال ٢٤ شهرًا، في حين رأت قوات الدعم السريع أن يتم على ١٠ سنوات، وهو يعنى ببساطة ترحيل مشكلة الدعم السريع في انتظار تغير الظروف، فعشر سنوات هي مدة طويلة جدا، خاصة أنها لن تلغى وجود الدعم السريع وتحلها، إنما ستبقيها تمارس مهامها لمدة عشر سنوات، وهو أمر لم يحدث في أي تجربة مماثلة، فعادة ما يتم دمج الميليشيات والتنظيمات المسلحة عقب أي مواجهات أو حروب أهلية في سنوات محدودة، وبعد أن يتم حلها وتسليم سلاحها وتصبح القضية كيف يمكن دمج أفراد هذه التنظيمات في المجتمع والمؤسسات النظامية.

والمؤكد أن قضية توحيد المؤسسة العسكرية كان يجب أن تكون هي القضية الأولى عقب سقوط البشير، فلا يمكن نجاح أي انتقال ديمقراطى دون وجود مؤسسة عسكرية موحدة مرتبطة بالدولة وليس النظام السياسى، ولا ينافسها أي تنظيمات عسكرية موازية.

وللأسف تم ترحيل هذه المشكلة أمام الأصوات الاحتجاجية والمواءمات التي تفرضها طبيعة المرحلة الانتقالية، وهو ما أدى إلى تفاقم الأزمة حتى انفجرت في وجه الجميع.

الوضع الحالى لا يبدو أنه سيحسم في خلال ساعات، وإن كان من الوارد أن يحسمه الجيش لصالحه في خلال أيام، ولكن خطر استمرار المعارك لأسابيع وأشهر وعمليات الكر والفر قائم أيضا.

لقد تفجرت المعارك في البلد الشقيق وسيدفع ثمنها الأبرياء من أبناء الشعب وأن من سيحسم المعركة العسكرية لصالحه سيعمل على أن يحولها إلى مكسب سياسى.

نقلا عن المصري اليوم