استقطاب حاد:
أبعاد الأزمة السياسية في العراق بعد عام على الانتخابات

استقطاب حاد:

أبعاد الأزمة السياسية في العراق بعد عام على الانتخابات



لم يُغادر المشهد العراقي مربع الأزمة التي تقترب من عامها الأول، ولا يعتقد أنه سيغادرها في المدى المنظور في ظل عدم القدرة على إحداث اختراق سياسي في المشهد الذي تتسع الفجوة الحادة بين أقطابه، فلا يزال الفرقاء السياسيون في بغداد (الإطار التنسيقي، والتيار الصدري) غير قادرين على الوصول إلى نقطة توافق لحلحلة أزمة تشكيل الحكومة العراقية، بعد عام على الانتخابات العراقية التي أُجريت في أكتوبر 2021. وعلى التوازي، لم يحسم الفرقاء السياسيون في إقليم كردستان العراق خلافاتهم بشأن منصب الرئيس، فيما بقي البرلمان الذي تشكلت رئاسته هو عقدة أزمة تشكيل الحكومة، وتحول إلى ساحة لتصفية الخلافات، عندما احتله أنصار التيار الصدري مطلع أغسطس الفائت، ثم تحوّلت المنطقة الخضراء بأكملها إلى منطقة حمراء على إثر اندلاع اشتباكات الاثنين الدامي (29 أغسطس 2020) والتي توقفت بعد دعوة الصدر أنصاره بالانسحاب منها، كما أعلن اعتزاله العمل السياسي.

لم تفلح الوساطات في ردم الفجوة بين الفرقاء مع إعادة الأزمة طاولة الحوار الوطني برعاية رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي كآلية لتسوية سياسية، غاب عنها التيار الصدري، لتتسع الأزمة مع دخول القضاء على الخط، ليرد دعوى حل البرلمان كأحد مطالب التيار الصدري وحلفائه، فيما يُرتقب أن يُحسم الموقف من عودة الكتلة الصدرية المستقيلة من البرلمان بنهاية شهر سبتمبر الجاري. وعلى وقع الانتظار، تزداد حدة الاستقطاب السياسي في المشهد العراقي في ظل عدم القدرة على حدوث اختراق.

وعَكَسَ الخلاف السياسي الشيعي – الشيعي في العراق مشهداً غير مسبوق، إذ لم تعد إيران تمتلك كافة أوراق اللعبة السياسية في العراق، وباتت منحازة للإطار التنسيقي وتدير الموقف عن بعد أو دون الظهور في المشهد، بعد أن أوصد التيار الصدري أبوابه في وجه إسماعيل قاآني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، على وقع ما أسماه “الفتة الطائفية” التي أججها المرجع الديني العراقي المقيم في “قم” كاظم الحائري، كما رفض الصدر وساطات وكلاء آخرين، ولا سيما حزب الله العراقي.

ومع تمدد الأزمة السياسية وتشعبها، بات المشهد العراقي أكثر تعقيداً، بعد أن أصبحت أزمة الرئاسات وحل البرلمان تطفو على السطح فقط، بينما في العمق يبدو المشهد أشبه بالبركان الذي تستعر الحمم في باطنه، إذ بات شكل النظام السياسي الذي أرسى نظام المحاصصة الطائفية يتآكل تدريجياً، وسط دعوات تتنامى من اتجاهات عديدة لإعادة النظر في الدستور العراقي، وبالتبعية العديد من القوانين التي تُكرس لهذا الواقع الصعب والمعقد.

ولا يزال من الصعوبة بمكان التنبؤ بسيناريوهات المستقبل السياسي في العراق، فالتيار الصدري الذي يتبنى خطة العود على بدء عبر انتخابات مبكرة يُدرك أنه دون إصلاح سياسي وقانوني شامل يدرك أن مسار العودة سيعيد بالتبعية إنتاج الأزمة التي بدأت قبل سنوات وأفضت إلى انتفاضة تشرين 2019، أما الإطار التنسيقي الذي يدعو إلى عدم الالتفات إلى الخلف ويلعب وفق خطة تسجيل النقاط فلن يبادر إلى تنازل، بعد أن أصبح المعترك السياسي ثأراً شخصياً بين أقطاب “الإطار” و”التيار”.

موضوعات ذات صلة

1- “الغرف المغلقة”: تحركات جديدة لتجاوز المأزق السياسي العراقي

2- معادلة صعبة: هل يتواصل الصدام بين “الإطار التنسيقي” و”التيار الصدري”؟

3- متغيرات حاكمة: هل يتجاوز الحوار الوطني العراقي المأزق السياسي الحالي؟

4- السيناريو الأسوأ: تداعيات الأزمة العراقية على نشاط تنظيم “داعش”

5- رؤى متباينة: هل تُمثّل الانتخابات المبكرة حلاً لأزمة العراق؟

6- مرحلة فارقة: المشهد العراقي بين إدارة الأزمة والانتقال السياسي

7- دائرة مغلقة: لماذا تتصاعد حدة الأزمة السياسية في العراق؟

8- الفرصة الثانية: احتمالات عودة فرقاء المشهد العراقي إلى الحوار

9- مبادرات متعددة: هل يساهم الحوار في تجاوز مأزق الانسداد السياسي العراقي؟

10- تصادم زعامات: مسارات الصراع السياسي في العراق بين المالكي والصدر