أوراق الضغط:
هل ينجح إخوان اليمن في تغيير قرارات مجلس القيادة الرئاسي؟

أوراق الضغط:

هل ينجح إخوان اليمن في تغيير قرارات مجلس القيادة الرئاسي؟



أعلن أعضاء حزب “التجمع اليمني للإصلاح”، فجر الثامن من أغسطس 2022، تمردهم على السلطة الجديدة في محافظة شبوة شرقي اليمن وذلك بعد عزل محافظ شبوة الإخواني “محمد صالح بن عديو” والإطاحة بقادة عسكريين موالين للإخوان بالمحافظة، في إطار التعديلات الهيكلية الأخيرة التي أجراها رئيس المجلس الرئاسي اليمني “رشاد العليمي”، وشملت الوزراء والمحافظين ومديري الأمن والقضاة، وأطاحت بعدد كبير من المسؤولين الموالين للإخوان، ولهذا من المتوقع أن يقوم حزب الإصلاح خلال الأيام المقبلة بدفع عناصره للقيام بجملة من الأدوات للضغط على “العليمي”، منها: تدشين حملة إعلامية لتشويه صورة قيادات المجلس الرئاسي، وتكثيف أواصر التعاون مع مليشيا الحوثي الانقلابية، وتنشيط خلايا الاغتيالات الإخوانية في المحافظات الجنوبية، وحشد مناصري الإخوان لإعاقة عملية التوافق السياسي، وإعادة تقوية أدواتهم العسكرية والأمنية، وقطع الخدمات الرئيسية لمفاقمة معاناة المدنيين.

أطاح محافظ شبوة “عوض ابن الوزير العولقي”، في 6 أغسطس 2022، بقائدين عسكريين موالين للإخوان في مدينة عتق مركز محافظة شبوة، وهما “عبدربه محمد لعكب” قائد فرع قوات الأمن الخاصة في عتق، و”أحمد درعان” قائد معسكر القوات الخاصة، لرفضهما الانصياع لقرارات المحافظ الجديد، وهو ما نجم عنه قيام “لعكب” بدفع وحدات أمنية وعسكرية تابعة للإخوان للتمرد والانقلاب العسكري على “العولقي” ومهاجمة مواقع لقوات دفاع شبوة والقوات المسلحة الجنوبية في اشتباكات عنيفة نجم عنها سقوط عدد من القتلي والجرحي، مما دفع بالمجلس الرئاسي لإصدار قرار مساء 8 أغسطس 2022، يقضي بإقالة جميع القيادات العسكرية والأمنية الموالية للإخوان في شبوة، ومن بينهم مدير عام شرطة محافظة شبوة، وقائد اللواء الثاني دفاع شبوة.

وأكد “العليمي” عقب نجاح القوات اليمنية في إخماد التمرد الإخواني، أن المجلس سيواصل تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية لاستعادة الدولة اليمنية، وهو ما دفع بحزب الإصلاح لإصدار بيان، في 12 أغسطس 2022، اعترف فيه بمسؤولية عناصره عن الانقلاب العسكري في شبوة، بل وحمل المحافظ “العولقي” مسؤولية ما حدث، وزعم أنه سيعيد النظر في مشاركته بالسلطة الشرعية، إذ لم يُصدر “العليمي” قراراً بإقالة محافظ شبوة، وإعادة الاعتبار لقياداته الذين تمت إقالتهم، وهدد بفض الإجماع الشعبي للمجلس الرئاسي إن لم تتحقق مطالبه، وطالب بضرورة التعامل مع الأحداث الجارية في البلاد بطريقة منصفة تعيد الاعتبار للشعب اليمني.

وفي ظل هذه التطورات، يمكن القول إن الحزب الإخواني سيمارس ضغوطاً على المجلس الرئاسي لمنعه من تحجيم نفوذ الجماعة التي يسيطر عدد من قياداتها حتى الآن على السلطة المحلية والمؤسستين الأمنية والعسكرية، على النحو التالي:

بث الأكاذيب

1- تدشين حملة إعلامية لتشويه صورة قيادات المجلس الرئاسي: سيوجه الحزب الإخواني جميع وسائله الإعلامية لشن حملات تحريضية واسعة تستهدف أعضاء السلطة الشرعية، وقوات التحالف العربي، وأيضاً المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي أكد أنه لن يترك “شبوة” لعناصر الإخوان. وبالفعل بدأ عدد من القنوات الإخوانية كقناة “المهرية” في 13 أغسطس 2022 بالهجوم على “رشاد العليمي” وبث معلومات زائفة عنه لتشويه صورته أمام الشعب اليمني. وزعمت قناة “بلقيس”، خلال الأيام الماضية، وجود خلافات وانقسامات في صفوف المجلس الرئاسي الذي نفى ذلك، وأكد أن الغرض من هذه الشائعات هو بث الفرقة بين قيادات المجلس. وفي 11 أغسطس 2022 بثت بعض القنوات الإخوانية أخباراً كاذبة عن عقد مفاوضات بين “العليمي” وممثلين من حزب الإصلاح حول أحداث شبوة، وهو ما تم نفيه من قبل مصادر بالمجلس الرئاسي، كما زعم القيادي الإخواني “سيف الحاضري” في تصريحات له، في 13 أغسطس 2022، أن هناك مفاوضات في عدن بين المجلس الانتقالي ومليشيا الحوثي، لإيصال رسالة لـ”العليمي” بأن الانتقالي يوطد علاقاته مع الحوثيين.

ويُتوقع أن تتزايد الحملة الإعلامية الإخوانية خلال الأيام المقبلة لأنها لم تحقق حتى الآن هدفها الرئيسي القائم على تشكيك اليمنيين بالمجلس الرئاسي وأعضائه وقطع الثقة بينهم، خاصة بعدما قوبلت برد فعل شعبي مناهض لهم، إذ شن عدد من الناشطين اليمنيين عقب التمرد الإخواني في شبوة حملة على وسائل التواصل الاجتماعي أكدوا خلالها دعمهم للمجلس الرئاسي للنهوض بالبلاد ومواجهة الأجندات الخارجية التي تسعى لتدمير اليمن وشعبه، ودعوا اليمنيين إلى عدم الانسياق وراء الشائعات التي تطلقها أبواق الإخوان.

إرهاب مشترك

2- تكثيف أواصر التعاون مع مليشيا الحوثي الانقلابية: سيعمل الإخوان على محاولة الرد على الهزيمة القاسية التي تلقاها عناصره على يد قوات الجيش الوطني اليمني والقوات الجنوبية في شبوة، بتقوية علاقاتهم مع مليشيا الحوثي الانقلابية لتوحيد صفوفهم مرة أخرى وتكبيد الجيش اليمني خسائر حتى ولو على حساب “تقاسم اليمن” شريطة أن يتم تأسيس كيان إخواني يتحكم في البلاد، وألمح حزب الإصلاح إلى هذا في البيان الذي أصدره بتسليم ما تبقى لهم في مناطق سيطرتهم للحوثيين، في محاولة إخوانية لابتزاز المجلس الرئاسي وقوات التحالف العربي للتفاوض مع الإصلاح، خاصة أن العميد الإخواني “صالح لقصم الحارثي” قائد اللواء 163 مشاة سهّل، في 12 أغسطس 2022، عملية احتلال الحوثي لمديريات بيحان الثلاث بمحافظة شبوة بدون مقاومة عسكرية.

وهو ما دفع الحوثي للرد على بيان الإصلاح بالموافقة على التعاون معهم، وأكد القيادي الحوثي “محمد البخيتي” محافظ محافظة ذمار، في تغريدة على حسابه بموقع “تويتر” في 12 أغسطس 2022، استعداد جماعته لحماية الإخوان من أي هجمات بمنظومتهم الصاورخية، وطالب قادة الإصلاح باستغلال هذه الفرصة، قائلاً: “انضمام حزب الإصلاح لصف الوطن سيدخل في نطاق حماية قواتنا الصاروخية والجوية، وسنتمكن من حسم المعركة سريعاً، وإذا ما تأخر في اتخاذ هذا القرار وفقد مناطق سيطرته المحاذية لنا فهذا يعني خسارته لآخر فرصة”، والغرض من الدعم الحوثي هو استمرار تمرد الإخوان على المجلس الرئاسي وقوات التحالف العربي وشن أعمال عسكرية ضد الجنوبيين.

توسيع النفوذ

3- تنشيط خلايا الاغتيالات الإخوانية في المحافظات الجنوبية: سيقوم الإخوان بإعادة تنشيط “خلايا الاغتيالات المتطرفة” التي لطالما استخدموها في السنوات الماضية كوسيلة لتحقيق أهدافهم بالتخلص من خصومهم والمعارضين لهم لتوسيع نفوذهم في اليمن وتنفيذ غايتهم الرئيسية بالوصول إلى السلطة، ومن المتوقع أن تقع هذه الاغتيالات في العاصمة المؤقتة عدن ومحافظات الضالع وشبوة وأبين، وستستهدف قادة المجلس الانتقالي الجنوبي وذلك بعد أن منحهم “العليمي” عدة مناصب في التعديلات الهيكلية الأخيرة، إضافة إلى شن سلسلة من العمليات الإرهابية ضد عدد من القيادات العسكرية والأمنية المؤثرة في الجيش الوطني اليمني والرافضة للوجود الإخواني في البلاد، وسيعتمد قادة الإخوان على خلايا إرهابية من تنظيمي القاعدة وداعش لشن هذه الأعمال الإرهابية.

وبدأ الإخوان بالفعل في تنفيذ هذه الاغتيالات بعد نجاح القوات اليمنية في إخماد تمردهم بشبوة، إذ حاول قناص إخواني في 11 أغسطس 2022، اغتيال رئيس المجلس الانتقالي في محافظة شبوة العميد “علي الجبواني” بالقرب من ديوان السلطة المحلية في شبوة؛ إلا أن تلك المحاولة باءت بالفشل إذ نجا “الجبواني” وعدد من القيادات العسكرية المرافقة له، ولكن أُصيب الحارس الشخصي لرئيس الهيئة التنفيذية في شبوة، وفقاً لبيان المجلس الانتقالي.

تحريض الرأي العام

4- حشد مناصري الإخوان لإعاقة عملية التوافق السياسي: سيدعو حزب الإصلاح خلال الفترة المقبلة مناصريه للخروج في تظاهرات بالمحافظات التي يسيطر عليها المجلس الانتقالي الجنوبي في محاولة لوضع عقبات أمام الإصلاحات السياسية والأمنية والعسكرية التي يقوم بها قادة الانتقالي بتوجيه من الرئيس اليمني والهادفة لتطهير المحافظات التي لا يزال فيه نفوذ عسكري واستخباراتي إخواني من جهة، واستعادة نفوذه على القرار اليمني من جهة أخرى، خاصة أن تحرك المجلس الرئاسي مؤخراً لتطهير كل من مأرب وتعز من النفوذ الإخواني، هو ما دفع بالإخوان لإشعال الأوضاع في شبوة من أجل إلهاء المجتمع اليمني في هذه الأحداث، والقول أن المجلس الانتقالي هو المتسبب الرئيسي في تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية في المحافظات اليمنية المحررة.

ملف الخدمات

5- قطع الخدمات الرئيسية لمفاقمة معاناة المدنيين: سيتجه حزب الإصلاح كعادته لاستخدام ملف الخدمات الأساسية (المياه، الكهرباء، النفط والغاز)، كورقة ضغط على المجلس الرئاسي، خاصة أنه يسيطر على حقول النفط والغاز في محافظة مأرب، وبالفعل قام الإخوان بعد خسارتهم الفادحة لعدد من المديريات في شبوة، بقطع إمدادات الوقود القادم من مأرب إلى شبوة، وهو ما أدى إلى إلحاق الضرر بالمواطنين الذي قاموا إبان أحداث التمرد الإخواني بغلق محالهم التجارية بل وغادر بعضهم من شبوة بسبب انقطاع الخدمات الرئيسية بما فيها الكهرباء والمياه. ويريد حزب الإصلاح من ذلك الضغط على المواطنين بالمديريات التي لا تزال تحت سيطرته، سواء في شبوة ومأرب وحضرموت، لدعمه والانقلاب على السلطة الشرعية.

حشد عسكري

6- إعادة تقوية أدواتهم العسكرية والأمنية: سيعمل الإخوان بعد خسارة عدد من عناصرهم في أحداث عتق الأخيرة على عمل هيكلة عسكرية وأمنية استعداداً لأية مواجهات مقبلة قد تخوضها الجماعة، وسيكثف قادة الجماعة من عمليات التجنيد السرية التي يقومون بها منذ تشكيل المجلس الرئاسي في أبريل 2022، وهو ما سبق ورفضه “العليمي” ودعا وزير الداخلية الإخواني “إبراهيم حيدان” ومحافظ تعز “نبيل شمسان” في يونيو 2022، لوقف عمليات التجنيد التي يقوم بها بعض قادة الإخوان في تعز، وسيكثف قادة الإخوان من حملات استهداف الجنوبيين، والزج بهم في سجون سرية أخرى تابعة لهم في عدد من المديريات الواقعة تحت سيطرتهم، خاصة بعد أن عثرت القوات الجنوبية أثناء مواجهة التمرد الإخواني في شبوة على سجون سرية تحت الأرض دشنها الإخوان لممارسة اعتداءات ضد المواطنين الجنوبيين.

خيارات محددة

خلاصة القول، إن لجوء حزب الإصلاح الإخواني للضغط على مجلس القيادة الرئاسي لإعادته مجدداً إلى المشهد السياسي، ينبع من تخوفه من أن تسير اليمن على خطى بعض الدول العربية التي أزاحت مؤخراً جماعة الإخوان من الساحة السياسية ومن بينها (مصر، تونس، السودان). وعليه، يعي قيادات الحزب أنه ليس من مصلحتهم إعادة تصعيد نفوذهم على المستويين السياسي والعسكري، لوجود دعم إقليمي ودولي للسلطة الشرعية اليمنية، وتوجه خارجي رافض للاستحواذ الإخواني على السلطة. وبناء على ذلك لم يبقَ أمام تلك الجماعة إلا خياران؛ إما القبول بالأمر الواقع، أو أن يتم القضاء عليهم نهائياً، ولهذا فإن محاولات إخوان اليمن التصعيد وعرقلة المرحلة الانتقالية التي تشهدها البلاد تحت إدارة “رشاد العليمي” ستبوء بالفشل، وخاصة في ظل وجود غضب شعبي منهم، وقادة عسكريين جدد رافضين بشدة لأعمالهم بالأراضي اليمنية.