ضغوط شديدة:
دلالات إعلان “داعش” مقتل زعيمه “أبو الحسين القرشي”

ضغوط شديدة:

دلالات إعلان “داعش” مقتل زعيمه “أبو الحسين القرشي”



يأتي إعلان تنظيم “داعش” عن مقتله زعيمه “أبو الحسين الحسيني القرشي” في ريف إدلب، بعد أقل من عام على تنصيبه، خلفاً لـ”أبو الحسن الهاشمي القرشي”، في ظل تكذيب التنظيم تورط تركيا في استهدافه، والتأكيد على مسؤولية “هيئة تحرير الشام”، كما أعلن اعتقال المتحدث الرسمي “أبو عمر المهاجر” وبعض نساء عناصر التنظيم، في محاولة لاستخلاص معلومات عن التنظيم، من قبل “تحرير الشام”، ولكن يبرز أنه للمرة الثانية، غابت الولايات المتحدة عن استهداف زعيم للتنظيم. وتشير عملية الاستهداف، وأبعادها المختلفة، إلى عدد من الدلالات، منها استمرار غياب تأثير دور زعيم التنظيم، خاصة مع تأخر إعلان مقتله، إضافة إلى تخوفات داخلية على تماسك التنظيم من تكرار عمليات الاستهداف، ومحدودية الخيارات لتنصيب زعيم جديد، مع اختيار “أبو حفص الهاشمي القرشي” (شخصية مجهولة)، كما أن ثمة سباقاً على استهداف قيادات وزعماء التنظيم من مختلف الأطراف بسوريا، كما أن هذه العملية في حالة صحة تورط “تحرير الشام” بغض النظر عن حدود دورها في الاستهداف، إلا أنها تخدم مصالحها للتقارب مع تركيا، وتحقيق تفاهمات مع أمريكا، وإن كانت غير مباشرة.

أعلن تنظيم “داعش” (3 أغسطس 2023)، في كلمة صوتية للمتحدث الرسمي الجديد، ويدعى “أبو حذيفة الأنصاري”، مقتل زعيم التنظيم “أبو الحسين الحسيني القرشي”، في سوريا، عقب ثمانية أشهر تقريباً من إعلان توليه زعامة التنظيم في 30 نوفمبر 2022.

ورغم إعلان الزعيم الجديد للتنظيم، والمكنى “أبو حفص الهاشمي القرشي”، إلا أن المتحدث الجديد لم يقدم أي معلومات عنه، مع الاكتفاء بأن اختياره جاء من قبل ما يُعرف بـ”أهل الحل والعقد”، وفقاً لرؤية التنظيم.

ملاحظات رئيسية

رغم أن كلمة المتحدث الجديد باسم “داعش” جاءت في حدود نصف ساعة تقريباً، إلا أنها لم تقدم سوى معلومات محدودة عن ظروف وملابسات مقتل زعيم التنظيم؛ إلا أنه يمكن الإشارة إلى عدد من الملاحظات في هذا السياق، خاصة مع تقديم إفادات غير معهودة، كالتالي:

1- ترجيح مقتل زعيم “داعش” خلال أبريل: لم يقدم المتحدث باسم “داعش” إفادة دقيقة حول توقيت مقتل “أبو الحسين القرشي”، إلا أنه يُرجح مقتله خلال شهر أبريل الفائت، وتحديداً قبل يوم 30 من الشهر ذاته، وهو اليوم الذي أعلن فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مقتل زعيم التنظيم، في عملية نفذتها الاستخبارات التركية في سوريا.

ومنذ ذلك التاريخ، سادت التكهنات حول صحة الإعلان التركي، خاصة أن الإعلان سبق موعد الانتخابات الرئاسية، بما زاد من احتمالية توظيف الحدث لصالح أردوغان، خاصة مع التشكيك في صحة تلك الرواية التركية، عقب إعلان سابق باعتقال زعيم التنظيم “أبو الحسن القرشي” في مايو 2022، ولكن تبين لاحقاً مقتله في الربع الأخير من العام الفائت، وتحديداً خلال شهر أكتوبر في جنوب سوريا.

وما يعزز مقتل “أبو الحسين القرشي” قبل يوم 30 أبريل الفائت، ربط المتحدث باسم “داعش” بين مقتله والرواية التركية، إذ تعرض لها صراحة، ولكن في سياق تكذيبها، وإنكار ضلوع أنقرة والاستخبارات التركية في العملية.

2- إبراز تورط هيئة تحرير الشام: خلافاً لتجنب التنظيم التطرق إلى المسؤول عن مقتل زعيمه “أبو الحسن القرشي” في درعا أواخر العام الفائت، إلا أن المتحدث باسم “داعش” أبرز دور هيئة “تحرير الشام” في مقتل “أبو الحسين القرشي” في مواجهة مباشرة مع عناصرها في إحدى بلدات ريف إدلب، باعتبارها الجهة التي نفذت عملية استهدافه بشكل منفرد، وفقاً لرواية “داعش”، عقب تكذيب الرواية التركية.

وهنا يبرز احتمالان، أولاً: أن التنظيم لا يرغب في نسبة العملية لتركيا، خاصة عقب اعتقال عدد من عناصره وقيادات في تركيا خلال الأعوام القليلة الماضية، والترويج لأن الرئيس التركي حاول استغلال مقتل زعيم “داعش” في سياق الدعاية الانتخابية. ثانياً: تصعيد الهجوم على “تحرير الشام”، في ضوء العداء الكبير بين الطرفين عقب فك زعيم الهيئة “أبو محمد الجولاني” العلاقة مع تنظيم “داعش” إبان قيادة “أبو بكر البغدادي”، والاتهامات المبطنة للهيئة بنقل معلومات عن قيادات التنظيم لاستهدافهم.

وربما يسعى التنظيم من خلال تصعيد الهجوم على “تحرير الشام” لكسب تعاطف “الجهاديين” داخل سوريا، في محاولة لاستقطابهم، خاصة عقب الأنباء التي تشير إلى رغبة “الجولاني” في إخراج العناصر الأجنبية من البلاد، وبالفعل انتقلت بعض العناصر إلى الخارج، بعضهم توجه للانخراط في الحرب الروسية الأوكرانية، وتحديداً العناصر من منطقة القوقاز، خاصة مع ترويج التنظيم أن “تحرير الشام” تعمل بالوكالة لصالح تركيا في سوريا.

3- ضبابية ملابسات اعتقال المتحدث السابق: وكان لافتاً في سياق التطرق لملابسات مقتل زعيم “داعش”، الإشارة إلى اعتقال المتحدث باسم التنظيم “أبو عمر المهاجر”، من خلال ترصد له وبعض عناصر التنظيم في مكان قريب منه بينما كانوا يباشرون المهام المكلفين بها، قبل التمكن من اعتقاله.

اللافت في كلمة المتحدث الجديد باسم التنظيم، عدم توضيح توقيت اعتقال “المهاجر”، هل كان قبل أم بعد مقتل زعيم “داعش”؟ علماً بأن آخر ظهور له كان في شهر نوفمبر 2022، في كلمة صوتية.

ورغم كشف مقر إقامة زعيم التنظيم المقتول في ريف إدلب، لم تشر كلمة المتحدث الجديد باسم “داعش”، مقر إقامة “المهاجر”، ولكن يرُجح بشكل عام، أنه كان يقيم في محافظة إدلب، لاعتبارين، الأول: تحميل مسؤولية اعتقاله لهيئة تحرير الشام التي تسيطر على المحافظة، والثاني: اقتراب المتحدث الرسمي من مقر إقامة زعيم التنظيم، وهو ما يتضح من معدل فقدان التنظيم للمتحدثين على مدى فترات زمنية قريبة، وأحيانا في نفس توقيت مقتل زعيم التنظيم.

4- محاولة استخلاص المعلومات عن “داعش”: تثير رواية المتحدث باسم “داعش” حول اعتقال عدد من نساء عناصر التنظيم، علامات استفهام حول توقيت اعتقالهن، هل خلال عملية استهداف زعيم التنظيم، أو خلال اعتقال المتحدث السابق.

ولكن اللافت إشارة المتحدث الجديد باسم “داعش” إلى مساومة تلك النساء حول بعض الملفات والأسرار التي تخص التنظيم، بما يشير إلى احتمالية كشفهن بعض المعلومات، إضافةً إلى المتحدث السابق وبعض العناصر التي اعتقلت معه، والتي ربما كانت لها انعكاسات سلبية بارزة على ترتيبات التنظيم، الخاصة بمقر إقامات بعض القيادات، أو تفاصيل عن الهياكل التنظيمية وعمليات الدعم اللوجيستي.

ولكنّ السؤال الأبرز: هل تمّ اعتقال “المهاجر” ونساء عناصر التنظيم قبل مقتل زعيم “داعش”؟، وفي حال ما إذا كان الاعتقال قبل مقتل زعيم التنظيم، فإنه يرجح الاستدلال عليه ومقر إقامته عقب استخلاص المعلومات من المعتقلين.

5- غياب الدور الأمريكي للمرة الثانية: بالنظر إلى قيادة الولايات المتحدة للتحالف الدولي لمواجهة “داعش”، والعمل ميدانياً في سوريا والعراق منذ سنوات، لملاحقة قيادات التنظيم والعناصر الفاعلة، وتحديداً زعيم التنظيم، واستهداف قيادته بشكل حصري مثل أبو بكر البغدادي وأبو إبراهيم الهاشمي القرشي؛ إلا أن هناك للمرة الثانية على التوالي غياباً لأي دور أمريكي بارز في عملية استهداف زعيم التنظيم الأخير “أبو الحسين القرشي”.

ولم يبرز للولايات المتحدة أيضاً دور في مقتل زعيم التنظيم “أبو الحسن القرشي” الذي قتل في مواجهات في محافظة درعا، يرجح أن يكون خلال شهر أكتوبر الفائت.

وبقدر تصاعد عمليات القوات الأمريكية في سوريا، لاستهداف قيادات وعناصر التنظيم البارزة، لم تتمكن من كشف واستهداف آخر زعيمين للتنظيم، وربما يرتبط ذلك بعدم معرفة هوية زعيمي التنظيم الحقيقية، وأن “أبو الحسن” قتل بشكل عشوائي دون معرفة زعامته لـ”داعش”، والثاني ربما أدى تسريب معلوماتي إلى كشف مقر إقامته، دون أن يكون معروفاً على نطاق واسع داخل التنظيم هويته الحقيقية.

دلالات متداخلة

تعكس ملابسات مقتل زعيم “داعش” واعتقال المتحدث باسم التنظيم، وتعدد الأطراف التي تلاحق قيادات “داعش”، إضافة إلى الرسائل التي حملتها كلمة المتحدث الجديد، عدداً من الدلالات، أبرزها:

1-استمرار تراجع تأثير زعيم “داعش”: يتضح من خلال تتبع الفترة الزمنية لكل زعيم لـ”داعش”، أنّ السمة الرئيسية هي قصر مدة تولي هذا المنصب داخل التنظيم، منذ مقتل “أبو بكر البغدادي” في أكتوبر 2019، الذي كان يتولى التنظيم قبل إعلان الخلافة المزعومة عام 2014، وخلفه “أبو إبراهيم الهاشمي القرشي” الذي ظل في منصبه نحو عامين وثلاثة أشهر تقريباً، حتى إعلان التنظيم مقتله في مارس 2022.

وتراجعت مدة تولي زعيم التنظيم “أبو الحسن الهاشمي القرشي” لنحو 9 أشهر حتى إعلان “داعش” مقتله في (نوفمبر 2022)، واستمر معدل التراجع لزعيم التنظيم السابق “أبو الحسين الحسيني القرشي” لنحو 8 أشهر حتى إعلان مقتل (3 أغسطس 2023).

وإضافةً لذلك، يبرز طول المدى الزمني بين مقتله من قبل الجهة المسؤولة عن ذلك، وإعلان التنظيم مقتل الزعيم وتولي آخر، والتي امتدت في حالة الزعيم الأخير إلى نحو 3 أشهر أو أكثر، حال صحة الرواية التركية بمقتله في وقت سابق من شهر أبريل الفائت.

وبشكل عام، فإن ذلك يعكس استمرار تراجع تأثير زعيم تنظيم “داعش” على مخططات واستراتيجيات العمل داخل التنظيم، ويكرس لرمزية الزعيم فقط، دون أدوار بارزة في رسم استراتيجيات التنظيم، وأن ثمة “تشكيلاً أو هيئة” تتولى إدارة التنظيم، دون تأثير لغياب زعيم “داعش”.

2- محدودية الخيارات لتولي زعامة “داعش”: يتسق مع تأخر إعلان تنصيب زعيم جديد لـ”داعش”، ورمزية المنصب داخل التنظيم ولدى عناصره والأفرع، عدم معرفة هوية الزعيم الحقيقية، حتى عقب مقتله، باستثناء “أبو إبراهيم الهاشمي القرشي”، باعتباره أحد أبرز قادة التنظيم، قبل تراجع التنظيم في العراق وسوريا، وطرد عناصره من الأراضي التي كانت تحت سيطرته.

ويتضح أن التنظيم يواجه محدودية في المرشحين من قياداته لتولي منصب زعيم التنظيم، خاصة مع اعتقال ومقتل قيادات الصف الأول، وإضافة لأغلب قيادات الصف الثاني، وبذلك يرجح أن التنظيم لجأ لبعض قيادات الصف الثاني، والتوسع في الاتجاه لقيادات الصف الثالث، من أمراء المناطق التي كانت تحت سيطرته، خاصة مع إبراز التنظيم أهمية أن يكون الزعيم “قرشياً”.

ويبرز أن ثمة تراجعاً في قدرات آخر زعيمين للتنظيم، وهو ما يبرز من خلال كلمات المتحدثين الرسميين للتنظيم عنهما، وعدم التوسع في ذكر تفاصيل عن رمزيتهما داخل التنظيم، مثلما كان الحال مع إعلان تولي “أبو إبراهيم الهاشمي” خلفاً لـ”البغدادي”.

وخلال الكلمة الأخيرة للمتحدث الجديد، لم يتوسع في التحدث عن الزعيم الجديد المكنى “أبو حفص الهاشمي القرشي”، ولكن جاءت الإشارة إليه بشكل مقتضب، في سياق اجتماع ما يُعرف بـ”أهل الحقد والعقد” في “داعش” لاختيار الزعيم الجديد.

3- تخوّفات من تأثيرات على تماسك التنظيم: في ضوء كلمة المتحدث الجديد التي جاءت في نحو 30 دقيقة، وتحليل الرسائل الرئيسية، وبشكل خاص، لعناصر التنظيم في مختلف الأفرع، يبدو أن ثمة تخوفات كبيرة على تماسك التنظيم داخلياً من تأثيرات توالي عمليات استهداف زعماء التنظيم في مدى زمني قصير، مقارنة بـ “البغدادي” و”أبو إبراهيم الهاشمي”، واستمرار نفس النهج في إخفاء هوية الزعيم الجديدة، والاكتفاء بالكنية فقط.

ولذلك وجه المتحدث الجديد باسم “داعش” الدعوة لعناصر التنظيم لبيعة الزعيم الجديد في أكثر مرة، مع استخدام عبارات لحثهم على مواصلة الارتباط بالتنظيم، باعتباره يمثل “الخلافة”، والتأكيد على أهمية البيعة، من خلال توظيف بعض الأحاديث للتأكيد على ضرورة “ألا يموت المسلم إلا وفي رقبته بيعة”.

كما أن المتحدث الجديد منح زعامة التنظيم بعداً رمزياً، من خلال الإشارة إلى أن الزعيم الأخير المقتول هو الرابع منذ إعلان “الخلافة المزعومة”، مع الربط بين ذلك وبين الخلفاء الراشدين الأربعة، الذين تعرضوا للقتل، دون أن ينتقص منهم ذلك.

وفي موضع آخر، حاول المتحدث باسم “داعش” إعطاء مبرر شرعي لعدم إعلان هوية الزعيم الجديد، وبيعة عناصر التنظيم لشخص مجهول، وهو ما لا يصح له بيعة، وهو أحد جوانب الانتقادات لـ”داعش” من قبل تنظيمات أخرى، إذ أورد بعض الآراء التراثية التي تشير إلى أنه يكفي في البيعة أن تقع من أهل الحل والعقد، دون أن يكون هناك استيعاب من كل المبايعين، وهي محاولة لإضفاء شرعية على منصب الزعيم، لأنه معروف لدى “أهل الحل والعقد”.

4- سباق لتصفية زعماء وقيادات “داعش” بسوريا: يشير اعتراف تنظيم “داعش” بمقتل زعيمه في إدلب بسوريا، وارتباط ذلك بقصر مدة تولي زعماء التنظيم، إلى أنه لا منطقة أمنية لاختباء قيادات وعناصر التنظيم في سوريا، خاصة مع توالي استهداف القيادات، رغم اختلاف بعض مناطق إقامتهم، خاصة أن “أبو الحسن الهاشمي القرشي” قتل في محافظة درعا، خارج المناطق التي سبق استهداف قيادته فيها في شمال سوريا.

ويبرز في سياق توالي الاستهداف في سوريا تسابق مختلف الأطراف على استهداف زعيم التنظيم، لما في ذلك من توظيف سياسي لصالح الطرف المسؤول عن الاستهداف، إضافة إلى تباين المصالح لدى الأطراف المختلف المنخرطة في الأزمة السورية.

ولكن يتضح أن التنظيم يرغب في استمرار “القيادة المركزية” في نطاق سوريا والعراق، وعدم نقلها إلى خارج الدولتين، من دوم جزم بعدم نقلها مستقبلاً لمناطق أخرى.

5- محاولة “تحرير الشام” تعزيز مكانتها: بالنظر إلى أن مكان استهداف زعيم “داعش” في محافظة إدلب، التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام، فإنه ربما تكون “تحرير الشام” ضالعة في استهداف زعيم التنظيم.

وفي حال صحة رواية تنظيم “داعش” بتورط هيئة تحرير الشام بشكل مباشر في تصفية زعيم التنظيم، أو على الأقل كان لها دور في تصفيته من خلال جمع المعلومات حول تحركات قيادات وعناصر “داعش”، وتسليمها لتركيا؛ فإن من شأن هذه الخطوة تعزيز مكانة “تحرير الشام”.

 وفي كلا الحالتين، فإن من شأن عملية استهداف زعيم التنظيم، أن تدفع لتعزيز العلاقات مع تركيا و”تحرير الشام”، خاصة في ظل بعض التوترات على خلفية مساعي أنقرة للتقارب مع النظام السوري، لتسوية بعض الملفات، وعودة اللاجئين السوريين من تركيا إلى المناطق الشمالية، غير الخاضعة لسيطرة الجيش السوري.

ورغم عدم الإشارة إلى علاقة “تحرير الشام” باستهداف زعيم “داعش”، عن إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلا أنه ربما كان لها دور في تتبعه واستهدافه، وهو ما قد يؤدي إلى نوع من التفاهم المستقبلي بين “تحرير الشام” والولايات المتحدة، حتى وإن كان بطريقة غير مباشرة، في ضوء تحولات موقف “الجولاني” من المشاريع “الجهادية”، بما ساهم في عدم استهدافه أو قيادات “الهيئة” من قبل الولايات المتحدة، وهو ما أثاره المتحدث باسم تنظيم “داعش”.

تعميق الأزمة

وعلى الرغم من محدودية تأثير مقتل زعماء التنظيم على استمرار النشاط العملياتي لـ”داعش”، وتحديداً على مستوى الأفرع، التي تتأثر بعوامل متعددة، بخلاف شخص ودور زعيم التنظيم، وهو ما ينطبق على حالة مقتل زعيم التنظيم “أبو الحسين الحسيني القرشي”، إلا أنه في الوقت ذاته، يمثل أزمة من ناحية عدم قدرة التنظيم على الحفاظ على حياة زعيمه لأكثر من عام، منذ مقتل “أبو إبراهيم الهاشمي القرشي” في فبراير 2022.

وتفرض وتيرة استهداف زعماء التنظيم بمعدلات مرتفعة، وفي ظل الضغوط التي تواجه التنظيم في العراق وسوريا منذ العام الفائت، وعدم القدرة على زيادة معدل النشاط العملياتي، والاتجاه إلى مرحلة “القتال من أجل البقاء”، ترسيخ إدارة التنظيم من قبل مجموعة صغيرة من القيادات، وربما في مسار مختلف عن زعيم التنظيم، والإبقاء على تلك المجموعة في نطاق العراق وسوريا، وربما يتجه التنظيم إلى نموذج تنظيم “القاعدة” خلال السنوات القليلة المقبلة، حيث ضعف القيادة المركزية لصالح نشاط وقوة الأفرع.