ذهاب الرئيس إلى القمة العربية المنعقدة حاليًا فى الجزائر كان مهمًا، ليس فقط لما بين البلدين من روابط مستقرة، ولكن لأسباب أخرى يعرفها كل متابع للشأن العام. وليس أدل على ذلك من أن الجزائر كانت أول دولة يزورها الرئيس بعد أن تولى السلطة فى ٢٠١٤
القاهرة كانت مهتمة دائمًا بعودة سوريا إلى مقعدها الشاغر فى جامعة الدول العربية، والجزائر من ناحيتها كانت تريد لهذه القمة أن تكون قمة عودة سوريا إلى حضنها العربى الدافئ، بعد أن حرمها منه ما يسمى الربيع العربى.. لولا أن العودة لم تكن موضع اتفاق بين الدول العربية، وهذا ما أعلنه أحمد أبوالغيط، أمين عام الجامعة.. ولولا أن دمشق نفسها رفعت الحرج عن الجميع، فطلبت قبل أسابيع مضت، ألا يكون موضوع عودتها مطروحًا على جدول أعمال هذه القمة، التى هى الأولى من نوعها بعد كورونا.
وليس سرًا أن رمطان لعمامرة، وزير الخارجية الجزائرى، كان قد زار القاهرة وفى يده مبادرة من جانب بلاده لحل خلاف سد النهضة، ومن بعدها زار الخرطوم، ثم أديس أبابا.. وكانت هى المبادرة العربية الوحيدة تقريبًا فى موضوعها، وكانت الجزائر ولاتزال مرشحة للقيام بدور فاعل فى القضية، لأن مكانتها فى القارة السمراء متأصلة وتأثيرها واصل.
وعندما ذكر السفير حسام زكى، الأمين العام المساعد للجامعة، أن من بين ما تداوله وزراء الخارجية العرب فى اجتماعاتهم التحضيرية قبل لقاء القادة، مشروع قرار تقدمت به القاهرة والخرطوم عن السد، فإن ذلك كان خطوة مضافة فى طريق المبادرة التى حملها لعمامرة.
وإذا كانت القمة ترفع شعار «لمّ الشمل» لأعمالها، فليس أحوج من ليبيا إلى أن تكون أولى الدول التى يصل إليها قطار هذا الشعار، فلا تكون فيها حكومتان: واحدة فى الغرب يرأسها عبدالحميد الدبيبة، وأخرى فى الشرق يرأسها فتحى باشاغا، وإنما حكومة واحدة تحمل آمال الليبيين فى دولة ليبية آمنة.. دولة ليبية تكون ثرواتها لأبنائها لا لطرف سواهم.
أقول ذلك وأمامى تقرير صحفى نشرته «الشرق الأوسط» اللندنية، عنوانه كالتالى: ليبيا الغنية بالنفط تجاهد لمكافحة المتسولين!.
ولأن مصر والجزائر دولتان من بين ست دول ذات جوار مباشر مع ليبيا، ولأن حدودهما هى الأطول مع الأراضى الليبية، فلابد أن الملف بالنسبة لهما هاجس مشترك لا يغيب، ولابد أنه همٌّ من بين هموم.. ولهذا كان حضور الرئيس فى مكانه، وكان ذهابه فى الاتجاه الصحيح.
نقلا عن المصري اليوم