حين انفجر «الربيع العربي» مدت دولة الإمارات يد العون للشعوب المنكوبة، وتدفقت منها الإغاثة بالأغذية والأدوية والمتطلبات الأساسية للحياة، ولا ننسى دورها في إطفاء حرائق اليمن منذ أن بدأ اشتعالها. كنت أتابع ما يحدث وأقدر المسار الإنساني الذي انطلقت به الإمارات نحو اليمن، كما انطلقت به نحو شعوب أخرى، وكنت على اطلاع بالدور الإنساني الراقي الذي يقوم به عسكريون إماراتيون يوزعون الطعام والدواء بأنفسهم للمحتاجين في مناطق شتى باليمن منذ بداية الأزمة، وبخاصة في المحافظات التي تحررت. وقد لعبت الإمارات دوراً رئيساً في المبادرة الخليجية لتحقيق الوفاق في اليمن منطلقةً من ضرورة الحفاظ على العمق العربي الذي يضمن حالة استقرار عام. وقد شاركت الإمارات في معارك الدفاع عن الشرعية حين بات مشروع الحوثيين منذراً بدمار كبير يتصل بما يحدث في العراق وسوريا ولبنان من تدخل خارجي يطمح إلى توسع إقليمي عبر تقوية المليشيات الطائفية التي تريد تسليم عنق الأمة العربية كلها لمشروع تسلطي قائم على أيديولوجيا مهترئة تم نبشها من عمق المستنقع التاريخي.
لقد جاء العدوان الحوثي والتهديدات المتلاحقة لدولة الإمارات تعبيراً عن كون ذلك المشروع الخارجي للسيطرة على اليمن واستكمال الخناق على الأمة العربية بات يلفظ شهقاته الأخيرة، حين اقتربت هزيمة هؤلاء الذين باعوا أنفسهم وأوطانهم لأعداء أمتهم.
وكان انخراط التحالف العربي في اليمن دفاعاً عن شرعيةِ ما تم التوصل إليه عبر اتفاق تم إنجازه وفق المبادرة الخليجية التي أطلقها مجلس التعاون الخليجي عام 2012 لإيجاد حل سياسي توافقي يجنّب اليمنَ الحرب التي أصر عليها العابثون بالشعب اليمني من الخارج، وكان لابد مما ليس منه بد.
وقد جاءت مبادرة المملكة العربية السعودية في مارس 2021 عبر إعلان وزير خارجية المملكة دعوةً لإنهاء الأزمة في اليمن، بعد أن دخلت عامها السابع، وقد طالب بوقف شامل لإطلاق النار، لكن الحوثيين لم يُبدوا أية رغبة في السلام، وأيدت الإمارات هذه المبادرة كما كان موقفها الداعم لكل مبادرات السلام.
ويبدو أنه يغيب عن تقدير الحوثيين ما تتمتع به دولة الإمارات من مكانة مرموقة عالمياً، وأن النشاط الاقتصادي في الإمارات ليس نشاطاً محلياً محدوداً يمكن تهديده بطائرة درون، فهذه الدولة العربية القوية وذات النظرة المستقبلية الطموحة تمكنت من أن تكون حلقة الوصل بين أمم وشعوب ودول كبرى في العالم كله، فضلاً عن أن أهلها يحظون بمحبة وعرفان وإكبار ووفاء يجعل كل الشعوب الوفية تقف دفاعاً عنها في أي موقف أو ظرف.
والعالم العربي كله يدرك أن مشروع الحوثيين ليس مشروعاً وطنياً يمنياً عروبياً، بل هو شبيه بمشروع «حزب الله» اللبناني الذي اختطف لبنان وسلّم عنقه لدولة أخرى.
لقد قامت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بأداء واجب وطني وقومي وإسلامي للوقوف في وجه التمدد المهدد لاستقلال الأمة كلها. ثم قامت دولة الإمارات في الآونة الأخيرة بترميم جسور التواصل مع كل دول المنطقة لإعادة الاستقرار إلى الشرق الأوسط عامةً، ولم تستثن حتى إيران، حيث كانت زيارة سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان لطهران حدثاً مهماً. وبعد أيام قليلة نترقب تواصلاً مهماً بين قادة المنطقة لترسيخ عهد جديد من التعاون، ولإنهاء كل الخلافات التي يمكن حلها بالحوار والتفاهم والتسامح.
على الحوثيين أن يكفوا عن اللعب بالنار، وأن يعودوا إلى حضن أمتهم، وأن يلبوا نداءات السلام والحل السياسي.
نقلا عن الاتحاد