أجرى الرئيس عبدالفتاح السيسى اتصالًا تليفونيًا مع الرئيس السورى بشار الأسد، فكان هو الاتصال الأول بين الرئيسين.
كان موضوع الاتصال هو الزلزال الذى ضرب سوريا، وضرب معها تركيا قبل ثلاثة أيام، وكانت الصور قد نقلت من المواقع المتضررة ما تعجز عن وصفه الكلمات، وكانت سيدة متضررة قد وضعت حملها تحت الأنقاض ثم فارقت الحياة فى الحال.
وإذا كان الزلزال قد أوقع الكثير جدًا من الأضرار على مستوى الناس والمكان، وإذا كنا فى العادة نقول «رُب ضارة نافعة»، فالمعنى المستفاد من هذه العبارة هنا، أن الاتصال الذى فرضه الحدث الكبير ربما يكون مدخلًا إلى ما ينفع البلدين فى مستقبل الأيام، فضلًا بالطبع عما يمكن أن نقدمه فى اللحظة الحالية.
لقد عاشت دمشق وحيدة فى مرحلة ما يقال عنه إنه ربيع عربى، وعاشت بعيدة عن العرب فى المجمل ولا تزال، وكان الدليل على ذلك أن عدد السفارات العربية فيها أقل من عدد أصابع اليد الواحدة، وكانت السفارات الأخرى فى المقابل تعمل وتنشط ولا تتوقف عن العمل ولا عن النشاط.
وخلال لقاء فى دمشق مع وليد المعلم، وزير الخارجية السورى السابق، أذكر أنى سألته يرحمه الله عن تزايد الوجود الايرانى فى بلاده، وعن تزايد نفوذ إيران فيها بالتالى، فكان رده أن السوريين هُم الذين استدعوا الإيرانيين، وأن وجودهم كان باستدعاء من الحكومة السورية وبموافقة منها، وأن ذلك لم يحدث من فراغ، ولكنه حدث لأن العرب غابوا وتأخروا فى الحضور.. كان الرجل وزير خارجية من النوع الفاخر، وكان معنى حديثه أن بلده تصرف على النحو الذى تصرف به فى هذه المسألة بالذات، بينما لسان حاله يقول ما معناه إن العين بصيرة ولكن اليد قصيرة.
ولابد أن الحضور المصرى فى سوريا يختلف عن كل حضور عربى آخر، ولا بد أن هذا ليس تقليلًا بالتأكيد من أى حضور عربى هناك أدعو إليه وأدعمه، ولا هو تعظيم من قيمة حضورنا نحن بأكثر مما هو لازم، ولكن نوع من الإقرار بواقع الحال.
فما بين القاهرة ودمشق تاريخيًا لم يكن بين عاصمتين عربيتين، وهذا ما يجعل للحضور المصرى فى سوريا مذاقًا ليس كأى مذاق، وعلى كل مستوى مما قد يخطر على بالك من المستويات.. ولم تبالغ صحيفة «السياسة» الكويتية حين استقبلت الاتصال بين الرئيسين بما يليق بأهميته، فقالت فيه أنه: «اتصال بحجم الزلزال».
نقلا عن المصري اليوم